medicalirishcannabis.info
أما بعد: فاتقوا الله وأطيعوه { وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة: 281]. أيها المسلمون: كانت الحنيفية أبرز صفة اتصف الخليل عليه السلام بها، وأمضى حياته كلها يدعو إليها، وحطم الأصنام لإقامتها، وناظر المشركين لإثباتها، وأُلقي في النار بسببها، وفارق قومه لأجلها، وهاجر لله تعالى يدعو إليها، وهي أكثر شيء أثنى الله تعالى على الخليل بها. ولا عجب في ذلك؛ فإن البشر ما خلقوا إلا لأجلها { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] ولا خلقت الجنة إلا ثوابا لمن قام بها، ولا خلقت النار إلا عقابا لمن أعرض عنها. إنها الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام التي فطر الله تعالى البشر عليها { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 30]. وقال الله تعالى في الحديث القدسي: {... جزء من شرح ملة إبراهيم عليه السلام لي الشيخ عبد الرحمن بن صالح الحجي - YouTube. إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا} (رواه مسلم).
وكذلك فإن القرآن الكريم ناسخ لكل الكتب السماوية التي نزلت قبله مع إقراره بوجودها، قال تعالى: ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ) قال العلماء في تفسير ذلك بأن القرآن مسلط على الكتب السماوية السابقة وناسخ لها فهو المعتمد وغيره متروك. أفبعد هذا البيان يقبل من أحد لا يدين بدين إبراهيم عليه السلام ولا يتبع منهجه أن يدعى تبعيته؟ وهل يتصور أن يمنح أحد شرف هذا الانتماء وهو بعيد كل البعد عن هدي أولى الناس بإبراهيم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بل ويعادي المؤمنين ويتربص بهم الدوائر؟ وهل يسوغ اعتبار من يتحدى أحكام الشريعة الإسلامية ويتبع شرعة الأمم المتحدة الكافرة أنه يمت بصلة طيبة مع سيدنا إبراهيم عليه السلام؟ لقد كان أبو لهب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال الله عن ابن نوح عليه السلام: ( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ)، وتبرأ إبراهيم عليه السلام من أبيه، وقتل أبوعبيدة أباه في بدر.
قال تعالى: ( وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ) وقال سبحانه على لسان إبراهيم عليه السلام: ( وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) وقال جل شأنه: ( وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً). ومن أوصافه عليه الصلاة والسلام أنه كان أمة بعني قدوة وإماماً ومهتدياً وداعياً إلى الخير يقتدى به فيه، وقانتاً لله أي خاشعاً له في جميع حالاته وتحركاته وسكناته، حنيفاً أي مخلصاً على بصيرة، شاكراً لأنعمه أي شكر ربه بجميع جوارحه من قلبه ولسانه وأعماله، أواهاً حليماً، وقد جاءت هذه الأوصاف الآيات التالية: ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ). ( وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ).
جزء من شرح ملة إبراهيم عليه السلام لي الشيخ عبد الرحمن بن صالح الحجي - YouTube
وختاماً نقول إن بعض هؤلاء المدعين بنوة إبراهيم قد يكون نسبهم، بحكم التسلسل الوراثي، متصلاً مع أبي الأنبياء إبراهيم أو أحد أبنائه وأحفاده، ولكنهم في واقعهم السلوكي يمثلون نموذجاً صارخاً للعقوق وشكلاً واضحاً من أشكال الحلق الفاسد المنحرف، وما هم في الحقيقة إلا نفر مارق فاسق يحاول تسويق هرطقات وترهات على شعوبهم المغلوبة على أمرها ليحققوا من خلال ذلك مآربهم الدنيئة وأغراضهم الخبيثة لتمكين الكفار من رقاب المسلمين. فاللهم رد كيدهم في نحورهم، واجعل تدميرهم في تدبيرهم، وعجل الله لنا بفرجك ونصرك وبقيام دولة الخلافة الإسلامية التي فيها حكمك. إنك يا مولانا على كل شيء قدير وبالإجابة جدير وسلام على المرسلين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.