medicalirishcannabis.info
ومن هنا فالإسلام ليس عقيدة فقط، ولم تكن مهمته تنظيم العلاقة بين الإنسان وربه فقط، وإنما كان مع العقيدة شريعة توجه الإنسان إلى جميع نواحى الخير فى الحياة، والعقيدة فى الإسلام هى الأصل الذى تبنى عليه الشريعة، والشريعة أثر تستتبعه العقيدة، ولذلك فلا وجود للشريعة فى الإسلام إلا بوجود العقيدة، ولا ازدهار للشريعة إلا فى ظل العقيدة. لأن الشريعة بدون العقيدة علو ليس له أساس، ولا تستند إلى القوة المعنوية، التى توحى باحترام الشريعة مراعاة قوانينها والعمل بموجبها.
[٣] مفهوم الشريعة تُطلق الشريعة في اللّغة على شِرعة الماء؛ أي مورده، وهي كذلك ما شرع الله لعباده من الدين وسَنَّه لهم، وفي الاصطلاح الشرعي لها معنيان: عام يشمل كل ما شرعه الله من العقائد والأحكام، قال -تعالى-: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ) ، [٤] والذي أوصى به نوح هو توحيد الله -تعالى- وأصول الشرائع، وقد عرّف الدكتور محمد عثمان العقيدة بأنّها: "النّظم التي شرعها الله -تعالى-، أو شرع أصولها، ليأخذ الإنسان بها نفسه في علاقته بربه، وعلاقته بأخيه المسلم، وعلاقته بالحياة"، وتشمل الشريعة جميع مناحي الحياة.
التعريف بموضوع الكتاب: إنَّ أحوجَ ما يكون الناسُ إليه في كلِّ زمان ومكان تذكيرَهم بالتوحيدِ الذي جاءتْ به رسالاتُ الأنبياء، وإبرازَ أثره في الأحكام الشرعيَّة المتنوِّعة وعلاقته بها، وقد تتأكَّدت حاجة الأمَّة إلى إحياء إيمانها إحياءً عمليًّا حين أصابها الوهنُ في دِينها، بتآمُر الأعداء عليها، ومحاولة النَّيْل منها، والإجهاز على مقوِّمات قوتها. وكتاب هذا الأسبوع يتعلَّق بتصحيح مفهوم العلاقة بين العقيدة والشَّريعة وأثرها في الحياة، وتأصيل ذلك بالأدلَّة، وتوضيح عمَل الأمَّة بالتلازُم بين العقيدة والشريعة على مرِّ القرون المفضلة. وقد تألَّف الكتابُ من مُقدِّمة، وتمهيد، وثلاثة أبواب، تحت كلِّ باب عِدَّة فصول: ففي التمهيد تناول المؤلِّف تعريفَ العقيدة، مبيِّنًا أنَّ لها في الاصطلاح إطلاقين: عام وخاص، وأنَّ الإطلاق العامَّ يضمُّ كلَّ معتقد دون قيد، وهو ما عقَده الإنسانُ في قلبه جازمًا ومؤمنًا به. وفي المعنى الثاني للعقيدة (الإطلاق الخاص) ذَكَر عِدَّة تعريفات لمجموعةٍ من العلماء منها: أنَّ العقيدة هي (المسائل العلميَّة التي صحَّ بها الخبر عن الله عزَّ وجلَّ ورسولِه صلَّى الله عليه وسلَّمَ، التي يجب أن ينعقدَ عليها قلبُ المسلم؛ تصديقًا لله ورسوله)، ومنها: أنَّها (المبادئ الدِّينيَّة التي ثبتتْ بالبرهان القاطع)، ثم أوضح المؤلِّف أنَّ جميعَ هذه التعريفات موافقةٌ للشرع وأنَّ تلك الموافقةَ تتحقَّق في كونِ العقيدة تضمُّ مسلَّماتِ الدِّين وأصولَه وفرائضه وقطعياته.