medicalirishcannabis.info
[٥] شبهة أن ورقة بن نوفل هو مصدر الإسلام ماهي الشبهة المثارة حول ورقة بن نوفل؟ يدعي بعض المستشرقين أن رسولَ الله قد أخذ تعاليم الرسالة من ورقة بن نوفل، خصوصًا أن ورقة كان متمكنًا من الأديان، وادّعى يوحنا الدمشقي أحد آباء الكنيسة اليونانية، أن ورقة وبحيرى الراهب ساعدا محمدًا في كتابة القرآن الكريم، وأن محمدًا كان تلميذًا لورقة، تتلمذ على يديه بعد زواجه من خديجة، وعلى هذا ادّعى أن الإسلام طائفة مسيحية، [٨] وتفنيد ذلك بما يخص تعلمه من ورقة بن نوفل يأتي في عدة نقاط أهمها: أن ورقة بن نوفل لم يلبث أن توفي بعد نزول الوحي بفترة قليلة، ولم تتكرر زيارته لورقة بن نوفل خلال فترة الوحي. [٢] أن محمدًا لو لازم ورقة بن نوفل، لكان هذا الأمر الورقة الرابحة لكفار قريش بتفنيد دعوة الإسلام، بكونه أتى بالرسالة من تلمذته على يد ورقة بن نوفل، ولم يرد أي شيء من هذا القبيل، فكانوا يتخبطون بادعاء أنه ساحر وشاعر ومجنون.
قال ابن كثير رحمه الله: " وتقدم الكلام على إيمان ورقة بن نوفل بما وجد من الوحي ، ومات في الفترة رضي الله عنه " انتهى من "البداية والنهاية" (3 /25). وقد ذكر الذهبي حديث عروة أنه قال: " مر ورقة بن نوفل على بلال وهو يعذب ، يلصق ظهره بالرمضاء وهو يقول: أحد أحد ، فقال ورقة: أحِّدْ أحِّدْ يا بلال ، صبرا يا بلال ، لم تعذبونه ؟ فو الذي نفسي بيده لئن قتلتموه لأتخذنه حنانا. ثم قال الذهبي: " هذا مرسل ، وورقة لو أدرك هذا لعد من الصحابة ، وإنما مات الرجل في فترة الوحي بعد النبوة وقبل الرسالة ، كما في الصحيح " انتهى من "سير أعلام النبلاء" (1 /129). وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله بعد أن ذكر حديث بدء الوحي: " فهذا ظاهره أنه أقر بنبوته ، ولكنه مات قبل أن يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإسلام ، فيكون مثل بحيرا ، وفي إثبات الصحبة له نظر " انتهى. "الإصابة" (6 /607) 3 - ومنهم من توقف فيه وذكر الخلاف: قال ابن منده: " اختلف في إسلامه ، روى عنه عبد الله بن عباس ، ولا أعرف من قال إن ورقة أسلم ، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقطع بإسلامه ، وعبد الله بن عباس لم يسمع منه ". انتهى من "تاريخ دمشق" (63 /4).
قصة ورقة بن نوفل رضي الله عنه: هذا ورقة بن نوفل، وكان قد خرج لما كره عبادة الأوثان إلى الشام وغيرها يسأل عن الدين، فأعجبه دين النصرانية فتنصر، وكان لقي من بقي من الرهبان على دين عيسى ولم يبدل، وتعلم منهم، فلما قابل جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء اللقاء الأول، وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى داره يقول "زملوني زملوني" من روعة اللقاء الأول، اقترحت عليه الزوجة الرؤوم أم المؤمنين خديجة بنت خويلد أن يذهبا إلى ورقة بن نوفل فيعرضا عليه الأمر. روى البخاري في صحيحه بسنده عن عائشة أم المؤمنين قالت: ".. فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ وَكَانَ امْرَأً قَدْ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ فَيَكْتُبُ مِنْ الْإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ. فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى، فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَأَى.
ورقة بن نوفل الأسدي القرشي شخصية تاريخية، ورد ذكره في أكثر من مؤلف عند مؤرخين مسلمين ونقل عنهم مسيحيون. اتفق معظمها أنه كان يقرأ التوراة والإنجيل. كان حنيفيًا موحداً في عصر ما قبل الإسلام (الجاهلية). وتقول روايات أنه كان يهودياً وروايات اخرى تقول انه كان نصرانياً. بعد نزول الوحي على النبي محمد اٌستدعي ورقة بن نوفل لبيت خديجة، فأقر للنبي محمد بالنبوة وقال له "هذا الناموس الذي أنزل الله على موسى"، ثم لم ينشب ورقة إلى أن توفي خلال بدايات ظهور دين الإسلام. نسبه هو ورقة بن نوفل بن أسد بن عبدالعزى بن قصي، وهو ابن عم خديجة بنت خويلد، زوجة النبي محمد حيث أن والده نوفل بن أسد هو أخ والدها خويلد بن أسد. تحنفه يقول ابنُ مَنِّ الله في حديقة البلاغة في رده على ابن غرسية: " وكانت فيهم (أي العرب) الملّة الحنيفية الإسلامية، والشريعة الإبراهيمية، ومن أهلها كان قس بن ساعدة الإيادي، وورقة بن نوفل، وزيد بن عمرو من بني عدي " (نوادر المخطوطات 1/ 327). ومما يدل على اعتناق ورقة للتوحيد قوله لبعض أصحابه الذين رفضوا عبادة الأصنام: " تعلمون، والله ما قومكم على دين، ولقد أخطأوا الحجة، وتركوا دين إبراهيم ما حجر تطيفون به؟ لا يسمع ولا يبصر ولا ينفع ولا يضرُّ، يا قوم التمسوا لأنفسكم الدين " (البداية والنهاية 2/ 341 وسيرة ابن هشام 1/ 242 والمنمق 175-176) ومن هذا النص يتضح لنا أن ورقة كان على دين إبراهيم، ويدعو أصحابه أن يُثنوا أقوامهم عن عبادة الأصنام.
[٤] موقف ورقة بن نوفل مع النبيّ محمّد لمّا نزل الوَحْي على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أوّل مرّة، وكان يتعبّد في غار حراء، قال: ( اقرأ)، وأعادها ثلاث مرّات، وكان المَلَك جبريل -عليه السّلام- في كلّ مرّةٍ يضمّه ضمّةً قويّةً حتى بلغ الجهد من الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ تركه جبريل -عليه السّلام- دون أن يدرك الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- حقيقة هذا الأمر، فذهب النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إلى بيته خائفاً ومضطرباً، فلمّا رأت خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- ما أصاب زوجها طَمّأَنته وهدّأته، وأخبرته بأنّ الله -تعالى- لا يُضيع أعمال البرّ والخير التي يسعى بها بين النّاس.
وفي رواية: فَلَمَّا تُوُفّيَ وَرَقَةُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «لَقَدْ رَأَيْتُ الْقَسَّ فِي الْجَنّةِ، وَعَلَيْهِ ثِيَابُ الْحَرِيرِ، لِأَنَّهُ آمَنْ بِي وَصَدَّقَنِي» يعني ورقة. رواها ابن أبي شيبة في "مصنفه". وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَقَّاصِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنهم جميعًا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم سُئِلَ عَنْ وَرَقَةَ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: كَانَ صَدَّقَك وَلَكِنَّهُ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «رَأَيْتُ وَرَقَةَ فِي الْمَنَامِ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ بَيَاضٌ، وَلَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَكَانَ عَلَيْهِ لِبَاسٌ غَيْرُ ذَلِكَ» رواه الترمذي وقال عقبه: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَعُثْمَانُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. قلتُ: وَقَدْ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ مُرْسَلًا لَيْسَ فِيهِ عَائِشَةُ رضي الله عنهم جميعًا، وَهُوَ مُرْسَلٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّار هَكَذَا. وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ" بِإِسْنَادِهِ إلَى الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم عَنْ وَرَقَةَ، فَقَالَ: «أَبْصَرْتُه فِي بُطْنَانِ الْجَنَّةِ عَلَيْهِ السُّنْدُسُ»، فَهَذَا مَعَ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها مَعَ مُرْسَلِ عُرْوَةَ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا، وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى إسْلَامِ وَرَقَةَ، وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.