medicalirishcannabis.info
إنها الصداقة الصادقة، والمحبة الصافية، والأخوة الحقة. ولأن الصحبة قد تعين على الطاعة، وتثبت على الاستقامة، أكد الشرع على فضيلة الصداقة إذا كانت لله خالصة, ولله در المحب لله! والأخ الصادق الذي كانت محبته لا لأجل دنيا ولا مال؛ بل لله وفي الله! فقد نال من المطالب أسناها، ومن المراتب أعلاها, وكفاه شرفاً أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان:... أن يحب المرء لا يحبه إلا لله ". كفاهم عزاً وفخراً أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال فيهم، كما في حديث عمر بن الخطاب: " إن من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء، ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة، بمكانهم من الله تعالى "، قالوا: يا رسول الله، تخبرنا مَن هم؟! قال: " هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم، ولا أموال يتعاطونها، فوالله! إن وجوههم لنور، وإنهم على نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس "، وقرأ هذه الآية: ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) [يونس:62]. رواه أبو داود. منقبةٌ إذا كانت صداقتهم لله، إنهم من القوم الذين يستظلون بظل العرش، فمن السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله رجلان تحابا في الله؛ اجتمعا عليه، وتفرقا عليه.
وقد ذكر بعض أهل العلم أن جماع ذلك -يعني هذه الأوصاف المذكورة- أنه إما عائد إلى العلاقة مع الله ، أو العلاقة مع المخلوقين، فالإمام العادل مثلاً هذا فيما يتصل بالعلاقة بالخلق، وهكذا أيضاً ورجلان تحابا في الله ، ورجل دعته امرأته ذات حسن وجمال ، إلى آخره، ورجل تصدق بصدقة فهؤلاء في إحسانٍ للخلق، وهي أحوال متعدية من الإفضال وما إلى ذلك مع المخلوقين، وأن الباقي كقوله ﷺ: وشاب نشأ في عبادة الله ، فالعلاقة بين العبد وبين الرب، وذلك أن العبادة تكون إما بالقلب أو اللسان أو الجوارح، فهذا الشاب الذي نشأ في عبادة الله ، مع قوة الداعي إلى المعاصي والعبث واللهو والغفلة. وكذلك أيضاً هذا الرجل الذي قلبه معلق بالمساجد، وكذلك أيضاً في قوله: ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه. فعلى كل حال يمكن أن يقال: إن هذه الأمور جميعاً عند التأمل تدل على تجذر الإيمان وقوته في قلب صاحبها، فالإمام: هو الملِك المتصرف، فهو ليس يخاف من أحد، ولا يطلبه أحد بمحاسبة ولا تبعة وما إلى ذلك، فإذا عدل مع قوة الداعي مع ما هو معلوم من سكرة الملك، فإن الكثيرين قد لا يستطيعون الانضباط مع الملك بترك الظلم والعسف والقهر والتسلط على الناس بغير الحق، فإذا وجد العدل مع القوة والتمكن فإن هذا يدل على عظم خوف الله في قلب هذا الإنسان.
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله: "... وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله عز وجل ورجل قلبه معلق بالمساجد ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه) متفق عليه... ". حفظ Your browser does not support the audio element. الشيخ: ذكر المؤلف حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى عليه وآله وسلم قال: ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في طاعة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إني أخاف الله، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه): فهؤلاء سبعة، وليس المراد بالسبعة العدد، يعني أنهم سبعة أنفار فقط، ولكنهم سبعة أصناف، لأنهم قد يكونون عدداً لا يحصيهم إلا الله عز وجل. ونحن نتكلم على ما ساق المؤلف الحديث مِن أجله، لأن هذا الحديث سبق لنا وقد شرحناه فيما سبق، ولكن نتكلم على مسألة ضلَّ فيها كثير من الجهال، وهي قوله: ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله): حيث توهموا جهلاً منهم أن هذا ظل الله نفسِه، وأن الله تعالى يظلهم من الشمس بذاته عز وجل، وهذا فهم خاطئ مُنكر، يقوله بعض المتعيلمين الذين يقولون: إن مذهب أهل السنة إجراء النصوص على ظاهرها، فيقال أين الظاهر؟!
فآكد الأمور -أيها المبارك- أن تجعل أخوتك لله, لا يزيدها برٌ ولا ينقصها جفاء. أيها الفضلاء: وفي زمن غاب فيه طعم الأخوة, وندر الصديق الوفي، فكم نحن بحاجة إلى التذكير بحقوق الصحبة؛ لتكون الأخوة صادقة، وليدخل أصحابها في وصف المتحابين في الله؛ رجاء أن يكونوا من المستظلين بظل العرش. فمن حقوق الصحبة: المواساة بالمال, فالمتآخيان إذا احتاج أحدهما لمالٍ سدّ خلتَهُ صاحبُه, وأي صداقة وأخوة تدّعى إذا كان الأصحاب يظل أحدهما محتاجاً والآخر موسراً لا ينظر لحال أخيه؟ وقد رأى بعض الحكماء رجلين يصطحبان لا يفترقان، فسأل عنهما فقيل: صديقان, فقال: فما بال أحدهما غنياً والآخر فقيرا؟. إن الأخ الصادق يعين في سداد دَيْنِ إخوانه تقرباً لله, لقي حكيم بن حزام عبد الله بن الزبير بعدما قُتل الزبير فقال:كم ترك أخي عليه من الدين؟ فقال: ألفي ألف, فقال: عليّ نصفها. وكان ابن سوقة له جرار فيها مال, وعندما دخل عليه إخوانه قال لهم: من احتاج إلى شيء فليأخذ. وقال الحسن: كنا نعد البخيل الذي يقرض أخاه. وقال: ليس من المروءة أن يربح الرجل على صديقه. وقال يزيد بن عبد الملك: إني لأستحي من الله أن أسال الجنة لإخواني وأبخل عليهم بدينار أو درهم.
عن البراء بن عازب رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الأنصار: ( لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق، من أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله) ، متفق عليه. وعن معاذ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى.