medicalirishcannabis.info
خطر ببالي في ذكرى رحيل الشاعر سميح القاسم السؤال الآتي: ماذا تبقى من الشاعر بعد ثلاثة أعوام من الرحيل؟ لا يخطر السؤال السابق في ذهني في ذكرى غسان كنفاني أو في ذكرى محمود درويش أو في ذكرى ناجي العلي. ربما أثيره في ذكرى معين بسيسو أو عبد اللطيف عقل أوجبرا ابراهيم جبرا أو علي الخليلي أو فدوى طوقان والسبب يعود بالتأكيد إلى الالتفات إلى هؤلاء الأدباء في ذكرى رحيلهم-أو عدم الالتفات. تحظى ذكرى كنفاني ودرويش والعلي باهتمام لافت، فيما تمر ذكرى الباقين مرورا عاديا، وتقع ذكرى إميل حبيبي بين الذكريين. الوهم السمعي وسواه – مجلة الشبكة العراقية,IMN Magazine. أحاول شخصيا أن أحتفي بالرموز كلها، فقد قرأت هؤلاء كلهم وعشت مع نتاجهم، وأحاول أن أكون دارسا وباحثا ومنتميا إلى فلسطين لا إلى شخوصها أو فصائلها. أحاول يحدوني بيتا امريء القيس: "بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه/ وأيقن أنا لاحقان بقيصرا/ فقلت له: لا تبك عينك إنما/ نحاول ملكا أو نموت فنعذرا " وأنا أحاول.
في الفرز يتم تنظيم حلفاء الداخل في معسكر يجمعهم ، كما اللجوء الى الخارج بحثا عن المدد والعون ، بما يًذكر بإمرئ القيس وقد قُتل أباه وكان أمير قومه ، فقصد القسطنطينية ضاربا بعصاه في الصحراء صحبة صديق ، ولما طالت الطريق أنشد قائلا: بكى صاحبي لما رأي الدرب دونه وأيقن أنا لاحقان بقيصر فقلت لا تبكي عينك انما نحاول ملكا أو نموت فنُعذرا ، فسُمي بالملك الضليل. وفي تونس اليوم كم هناك من أمراء ضلوا السبيل ، يسبون الغرب أيديولوجيا ويرجونه المدد سياسيا. مع تعيين رئيسة الحكومة يوم الأربعاء 29 سبتمبر 2021 بلغ ذلك الفرز درجة أخرى من درجاته ، فأولا هناك رمزية تعيين مرأة في مجتمع ذكوري ، أبوي ، خاطب يوما فيه رئيس دولة سابق صحفية قائلا: لست غير امرأة ، واعتبر شيخ دين وسياسة وصل الى رئاسة البرلمان المرأة وعاء جنسيا ، وثانيا هناك قطع ألسن أيديولوجية تتهم قيس سعيد بالمحافظة ومعاداة النساء، وثالثا هناك مخاطبة لخارج متجبر تحركه النزعة الكولونيالية، يرى في العرب سجن نساء ، وفي عرب يرونها فيالق من مجاهدات النكاح. في تونس اليوم يلاعب قيس سعيد الشياطين بعصيها ، مُدركا أن الأمر يتطلب تفكيك منظومة ، وقد جردها من سلاح الدين والحداثة الهجينة نظريا ، ولا يزال أمامه عمليا مهمة تجريدها من أسلحة ظاهرة مثل المال والاعلام وأسلحة خفية كثيرة أخرى.
هذه المحطّة التي تمرّ البشرية بذكراها كلّ عام، يفترض أن تكون محطّة لاستعادة الأمل في انتصار الحقّ على الباطل والعدل على الظّلم والجور والإجرام، تجدّد فيها الأمّة المسلمة -خاصّة- يقينها بأنّ دول الباطل مهما قويت فهي إلى زوال، وأنّ الظّالمين مهما طغوا وبغوا واستَضعفوا عباد الله فإنّ لهم يوما لن يجاوزوه، يقول الحبيب المصطفى -صلّى الله عليه وسلّم-: "إنّ اللَّه عزّ وجلّ يُملي للظّالم، فإذا أخذه لم يفلته"، ثمّ قرأ: ((وكَذلكَ أخْذُ رَبِّكَ، إذا أخَذَ القُرَى وهي ظالِمَةٌ إنَّ أخْذَهُ ألِيمٌ شَدِيدٌ))".