medicalirishcannabis.info
أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير هذا تهديد ووعيد، لمن استمر في طغيانه وتعديه، وعصيانه الموجب للنكال وحلول العقوبة، فقال: أأمنتم من في السماء وهو الله تعالى، العالي على خلقه. أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور بكم وتضطرب، حتى تهلكوا وتتلفوا. أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا أي: عذابا من السماء يحصبكم، وينتقم الله منكم فستعلمون كيف نذير أي: كيف يأتيكم ما أنذرتكم به الرسل والكتب، فلا تحسبوا أن أمنكم من الله أن يعاقبكم بعقاب من الأرض ومن السماء ينفعكم، فستجدون عاقبة أمركم، سواء طال عليكم الأمد أو قصر، فإن من قبلكم، كذبوا كما كذبتم، فأهلكهم الله تعالى، فانظروا كيف إنكار الله عليهم، عاجلهم بالعقوبة الدنيوية، قبل عقوبة الآخرة، فاحذروا أن يصيبكم ما أصابهم.
اهـ ثم قال والمراد بها توقيره وتنـزيهه عن السفل والتحت، ووصفه بالعلو والعظمة لا بالأماكن والجهات والحدود لأنها صفات الأجسام. وإنما ترفع الأيدي بالدعاء إلى السماء لأن السماء مهبط الوحي، ومنـزل القطر، ومحل القدس، ومعدن المطهرين من الملائكة، وإليها ترفع أعمال العباد، وفوقها عرشه وجنته كما جعل الله الكعبة قبلة للدعاء والصلاة، ولأنه خلق الأمكنة وهو غير محتاج إليها، وكان في أزله قبل خلق المكان والزمان. ولا مكان له ولا زمان وهو الآن على ما عليه كان. اهـ انظر كتاب تفسير القرطبي المجلد 9 الجزء 18 صحيفة 141. قال الإمام الرَّازيُّ (توفّي 604) واعلم أن المشبهة احتجوا على إثبات المكان لله تعالى بقوله (ءامِنتم مَّن فِى ٱلسَّمَاء) والجواب عنه أن هذه الآية لا يمكن إجراؤها على ظاهرها باتفاق المسلمين، لأن كونه في السماء يقتضي كون السماء محيطاً به من جميع الجوانب، فيكون أصغر من السماء، والسماء أصغر من العرش بكثير، فيلزم أن يكون الله تعالى شيئاً حقيراً بالنسبة إلى العرش، وذلك باتفاق أهل الإسلام محال، ولأنه تعالى قال (قُل لّمَن مَّا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ قُل لِلَّهِ) [الأنعام 12] فلو كان الله في السماء لوجب أن يكون مالكاً لنفسه وهذا محال، فعلمنا أن هذه الآية يجب صرفها عن ظاهرها إلى التأويل.
قال العلامة السندي (توفّي 1138 هـ) في حاشيته على مسند أحمد (ج 4-297) (يَرْحَمْكُمْ) بالجزم على جواب الأمر، ويمكن الرفع على الاستئناف بمنـزلة التعليل على معنى يرحمكم إن رحمتم، (أَهْلُ السّمَاءِ) أي سكان السماء من الملائكة الكرام، ورحمتهم بالاستغفار لهم وللدعاء، وتفسيره بالله بعيد). اهـ قلنا كما في قوله تعالى (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا) (مريم 93). وقال الإمام النووي (توفّي 676) قال القاضي عياض المالكي (توفّي 544) لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدِّثهم ومتكلِّمهم ونظَّارهم ومقلِّدهم أنَّ الظَّواهر الواردة بذكر الله في السَّماء كقوله تعالى (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ) [الملك 16] ونحوه ليست على ظاهرها بل متأوّلة عند جميعهم. اهـ ذكره في كتابه شرح صحيح مسلم، الجزء الخامس في الصحيفة 22. قال الإمام القرطبي ( توفّي 671) في تفسيره في قول الله تعالى (أأمنتم من في السماء) وقيل هو إشارة إلى الملائكة، وقيل إلى جبريل وهو الملك الموكل بالعذاب، قلت ويحتمل أن يكون المعنى أأمنتم خالق من في السماء أن يخسف بكم الأرض كما خسفها بقارون.
وقوله تعالى أن يخسف بكم الأرض بدل اشتمال من ( من) وجوز أن يكون على حذف الجار أي من أن يخسف ومحله حينئذ النصب أو الجر والباء للملابسة والأرض مفعول به ليخسف والخسف قد يتعدى قال الراغب يقال خسفه الله تعالى وخسف هو قال تعالى: فخسفنا به وبداره الأرض [القصص: 81]. أي أأمنتم من أن يذهب الأرض إلى سفل ملتبسة بكم وزعم بعضهم لزوم لزومه وأن الأرض نصب بنزع الخافض أي أن يخسف بكم في الأرض وليس كذلك فإذا هي حين الخسف تمور ترتج وتهتز اهتزازا شديدا، وأصل المور التردد في المجيء والذهاب.
أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) يقول تعالى ذكره: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ) أيها الكافرون (أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ) يقول: فإذا الأرض تذهب بكم وتجيء وتضطرب
لو تبينون لنا معنى حديث (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء). معنى هذا الحديث الذي رواه الترمذي (الراحِمونَ يرحمهم الرحمنُ ارْحموا مَنْ في الأرض يرحمكم من في السماء)، مفسَّر بالرواية الأخرى لهذا الحديث (ارحموا أهل الأرض يرحمْكُم أهلُ السّماءِ) رواه الإمام أحمد وصححه الحاكم (بشواهده). فهذه الروايةُ تُفسِّرُ الروايةَ الأولى لأنَّ خير ما يُفسر به الحديث الواردُ بالواردِ كما قال الحافظ العراقي في ألفيته (وخيرُ ما فسرته بالوارد). ثم المرادُ بأهل السماء الملائكة ذكر ذلك الحافظ العراقي في أماليهِ عقيبَ هذا الحديث، ونص عبارته واستدلَّ بقوله (أهل السماء) على أنَّ المرادَ بقوله تعالى في الآيةِ (ءأمِنتُم مَن في السماء) الملائكة. اهـ، لأنه لا يقال لله (أهل السماء). و(مَنْ) تصلحُ للمُفردِ وللجمعِ فلا حجةَ للمجسمة في الآية، ويقال مثلُ ذلك في الآيةِ التي تليها وهي (أم أمِنتُم من في السماءِ أن يُرسِلَ عليكُم حاصِبًا) فـ (من) في هذه الآية أيضًا أهل السماء، فإن الله يسلطُ على الكفار الملائكة إذا أرادَ أن يُحِلّ عليهم عقوبتَه في الدنيا كما أنهم في الآخرة هم الموكلون بتسليطِ العقوبة على الكفار لأنهم خزنةُ جهنم وهم يجرُّونَ عنقًا من جهنم إلى الموقفِ ليرتاعَ الكفارُ برؤيته.
{أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16)} [ تبارك] { أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ}: من رحمته تعالى أنه يمهل الكافرين المعاندين والمستكبرين والمجرمين مع قدرته التامة على أخذهم أخذ عزيز مقتدر فهو مالكهم ومالك كل ما حولهم وهو قادر سبحانه أن يخسف بهم الأرض فتبتلعهم وما يتكبرون به في طرفة عين. قال تعالى: { أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16)} [ تبارك] قال السعدي في تفسيره: هذا تهديد ووعيد، لمن استمر في طغيانه وتعديه، وعصيانه الموجب للنكال وحلول العقوبة، فقال: { { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}} وهو الله تعالى، العالي على خلقه. { { أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ}} بكم وتضطرب، حتى تتلفكم وتهلككم. #أبو_الهيثم #مع_القرآن 3 1 3, 717