medicalirishcannabis.info
إن من تفكر في ذلك خاف اللهَ -تعالى- لا محالة؛ لأن الفكر يوقعه على صفات جلال الله وكبريائه، فهو -سبحانه- العزيز الكريم المتعال الواحد القهار، هو -سبحانه- القهار الذي قهر كل شيء وغلبه، والذي لا يطاق انتقامه، مُذلّ الجبابرة, قاسم ظهور الملوك والأكاسرة، هو -سبحانه- القوي الذي تتصاغر كل قوة أمام قوته، ويتضاءل كل عظيم أمام ذكر عظمته. إن هذا الجيل، الذي صده عن السبيل الاستكبار, وعلاه الغرور, وأسكره الترف, وجعل كتاب ربه وراءه ظِهرياً، بحاجة ماسّةٍ إلى أن يعرف ربه حقاً، ويعظمه صدقاً, بتدبر أسماء الله الحسنى، التأمل في آياته، التفكر في إعجازه، فمن استيقن قلبه هذه المعاني لا يرهب غير الله، ولا يخاف سواه، ولا يرجو غيره، ولا يتحاكم إلا له، ولا يذل إلا لعظمته، ولا يحب غيره. أما الذين يهجرون القرآن, ويرتكبون المحرمات, ويفرطون في الطاعات؛ أما الذين يتحاكمون إلى شرع غير الله، ما قدروا الله حق قدره، الذين يسخرون من الدين ويحاربون أولياء الله, ويستهزئون بسنة سيد البشر, ما قدروا الله حق قدره، من شهد قلبه عظمة الله وكبرياءه علم شأن تحذيره -جل وعلا- في قوله: ( وَيُحَذّرْكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) [آل عمران:28]، قال المفسرون: "أي: فخافوه واخشوه.
أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله. إن امتلاء القلب بعظمة الله يولّد ثقة مطلقة بالله، ويجعل المسلم هادئ البال، ساكن النفس، مهما ادلهمت الخطوب. إن استشعار عظمة الله تملأ القلب رضاً وصبراً جميلاً، فلا يحزننا تقلّب الذين كفروا في البلاد، فإنهم -مهما علوا وتجبروا- لن يصلوا إلى مطامعهم، ولن يحققوا أهدافهم الدنيئة، فالله هو القوي الذي لا يغلب. التفكر في مخلوقات الله. لقد بلغ فرعون ما بلغ من طغيان، ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِى الأرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مّنْهُمْ يُذَبّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْىِ نِسَاءهُمْ) [القصص:4]، فماذا كانت نتيجة الطغيان؟ ( فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِى الْيَمّ وَهُوَ مُلِيمٌ) [الذاريات:40]. إن معرفتنا بعظمة الله تورث القلب الشعور الحي بمعيّته -سبحانه- التي تفيض السكينة في المحن، والبصيرة في الفتن، فعندما لجأ رسولنا إلى الغار, واقترب الأعداء حتى كانوا قاب قوسين أو أدنى, شاهرين سيوفهم، قال أبو بكر -رضي الله عنه-: يا رسول الله، لو أن أحدهم رفع قدمه رآنا، فرد عليه رسولنا، بكل ثقة: " ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟" متفق عليه. إن استشعار عظمة الله ومعيته تبعث في النفس معنى الثبات والعزة, وتقوي العزائم حتى في أشد حالات الضنك، وقد كانت هذه الحقائق جلية عند الصحابة، حتى مع الحصار الاقتصادي والاجتماعي في شِعب أبي طالب، ولم تمض سوى أعوام حتى فتح الله على أبي بكر وعمر وغيرهم أعظم انتصارات.
من عجائب خلق الله جل جلاله الشمس قال العلامة ابن القيم رحمه الله: كلُّ موضع لا تقع عليه الشمس لا يعيشُ فيه حيوان ولا نبات, لفرط برده ويُبسه, وكل موضع لا تفارقه كذلك, لفرط حرِّه ويُبسه, والمواضع التي يعيش فيها الحيوان والنبات هي التي تطلعُ عليها الشمس وتغيب.