medicalirishcannabis.info
ولهذا فالظاهر أن هذا تأمين للمسلمين من الاستئصال كقوله تعالى: { وما كان اللَّه معذبهم وهم يستغفرون} [ الأنفال: 33] بقرينة قوله عقبه { إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب} وهو تأمين من تعميم العقاب في الآخرة بطريق الأوْلى ويجوز أن يكون المراد: ولا تزر وازرة وزر أخرى يوم القيامة ، أي إن يشأ يذهبكم جميعاً ولا يعذب المؤمنين في الآخرة ، وهذا كقول النبي صلى الله عليه وسلم « ثم يحشرون على نياتهم ». والوجه الأول أعم وأحسن. تفسير معنى قوله تعالى (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى). وأيَّامًّا كان فإن قضية { ولا تزر وازرة وزر أخرى} كلية عامة فكيف وقد قال الله تعالى: { وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم} في سورة العنكبوت ( 13) ، فالجمع بين الآيتين أن هذه الآية نفَت أن يحمل أحد وزر آخر لا مشاركةَ له للحامل على اقتراف الوزر ، وأما آية سورة العنكبوت فموردها في زعماء المشركين الذين موّهوا الضلالة وثبتوا عليها ، فإن أول تلك الآية { وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتَّبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم} [ العنكبوت: 12] ، وكانوا يقولون ذلك لكل من يستروحون منه الإِقبال على الإِيمان بالأحرى. وأصل الوِزر بكسر الواو: هو الوِقْر بوزنه ومعناه. وهو الحِمل بكسر الحاء ، أي ما يحمل ، ويقال: وَزَر إذا حمل.
أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ (38) كما قال ألا تزر وازرة وزر أخرى وخص صحف إبراهيم وموسى بالذكر; لأنه كان ما بين نوح وإبراهيم يؤخذ الرجل بجريرة أخيه وابنه وأبيه; قاله الهذيل بن شرحبيل. وأن هذه المخففة من الثقيلة وموضعها جر بدلا من ( ما) أو يكون في موضع رفع على إضمار " هو ". وقرأ سعيد بن جبير وقتادة " وفى " خفيفة ومعناها صدق في قوله وعمله ، وهي راجعة إلى معنى قراءة الجماعة " وفى " بالتشديد أي قام بجميع ما فرض عليه فلم يخرم منه شيئا. وقد مضى في ( البقرة) عند قوله تعالى: وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن والتوفية الإتمام. وقال أبو بكر الوراق: قام بشرط ما ادعى; وذلك أن الله تعالى قال له: أسلم قال أسلمت لرب العالمين فطالبه الله بصحة دعواه ، فابتلاه في ماله وولده ونفسه فوجده وافيا بذلك; فذلك قوله: وإبراهيم الذي وفى أي: ادعى الإسلام ثم صحح دعواه. وقيل: وفى عمله كل يوم بأربع ركعات في صدر النهار; رواه الهيثم عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وروى سهل بن سعد الساعدي عن أبيه ألا أخبركم لم سمى الله تعالى خليله إبراهيم الذي وفى ؛ لأنه كان يقول كلما أصبح وأمسى: فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون الآية.
حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى) ما فُرِض عليه. وقال آخرون: وفى بما رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخبر الذي حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا رشدين بن سعد, قال: ثني زيان بن فائد, عن سهل بن معاذ, عن أنس, عن أبيه, قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: " أَلا أُخْبِرُكُمْ لِمَ سَمَّى اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَهُ الَّذِي وَفَّى؟ لأنَّهُ كَانَ يَقُولُ كُلَّمَا أَصْبَحَ وَأَمْسَى: فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ حَتَّى خَتَمَ الآيَةَ". وقال آخرون: بل وفى ربه عمل يومه. * ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا الحسن بن عطية, قال: ثنا إسرائيل, عن جعفر بن الزبير عن القاسم, عن أبي أُمامة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى) قال: " أتدرون ما وَفَّى " ؟ قالوا الله ورسوله أعلم, قال: وفَّى عَمَل يَوْمِهِ أرْبَعَ رَكعَات في النَّهارِ". وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: وفى جميع شرائع الإسلام وجميع ما أُمر به من الطاعة, لأن الله تعالى ذكره أخبر عنه أنه وفى فعم بالخبر عن توفيته جميع الطاعة, ولم يخصص بعضا دون بعض.