medicalirishcannabis.info
"، أي: مُحاسَبون ومُعاقَبون على الكلامِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ثَكِلَتك أمُّك يا مُعاذُ! "، أي: فقَدَتْك، وليس المرادُ به الدُّعاءَ عليه، ولكنَّها مِن كلامِ العرَبِ، واستعمالُه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لها لِتَنبيهِه إلى أمرٍ كان يَنبَغي أن يَنتَبِهَ له ويَعرِفَه، "وهل يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وُجوهِهم- أو على مَناخِرِهم-"، أي: هل هناك شيءٌ يَجعَلُهم يُصرَعون على وُجوهِهم ويَسقُطون، والمِنخَرُ: ثَقْبُ الأنفِ وفَتحتُه، "إلَّا حَصائدُ ألسِنَتِهم؟! "، أي: إلَّا بسبَبِ ما يَحصُدونه يومَ القيامةِ مِن كَثرةِ الكلامِ في الدُّنيا في غيرِ طاعةِ اللهِ عزَّ وجلَّ. وفي الحديثِ: إشارةٌ إلى أنَّ القيامَ بأركانِ الإسلامِ الخمسةِ دونَ الإتيانِ بما يُناقِضُها- يَكونُ سبَبًا في دُخولِ الإنسانِ الجنَّةَ ومُباعَدتِه مِن النَّارِ بفضلِ اللهِ تعالى. موقع الشيخ صالح الفوزان. وفيه: حِرصُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على تزَوُّدِ أمَّتِه مِن أبوابِ الخيرِ؛ حتَّى تَزدادَ درَجاتُهم في الجنَّةِ. وفيه: فضلُ الصِّيامِ والصَّدقةِ والجِهادِ في سَبيلِ اللهِ تعالى. وفيه: أنَّ اللِّسانَ أصلٌ لكلِّ ما يُدخِلُ الإنسانَ النَّارَ؛ ففيه تحذيرٌ شديدٌ من آفات اللِّسانِ.
هذا الحديث أصل عظيم متين، وقاعدة من قواعد الدين، وقد تضمن الأعمال الصالحة التي تدخل الجنة وتبعد عن النار، وهذا أمر عظيم جدًّا؛ لأنه من أجل دخول الجنة والنجاة من النار أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب. عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار ، قال: « لقد سألت عن عظيمٍ، وإنه ليسيرٌ على من يسره الله تعالى عليه: تعبدُ الله لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت » ، ثم قال: « ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جُنَّةٌ، والصدقـة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل » ، ثم تلا: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16]. وهل يكب الناس على مناخرهم. ثم قال: « ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ » قلت: بلى يا رسول الله، قال: « رأس الأمر: الإسلام، وعموده: الصلاة، وذروة سنامه: الجهاد ». ثم قال: « ألا أخبرك بمِلاك ذلك كله؟ » فقلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه وقال: « كف عليك هذا » ، قلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟! فقال: « ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكُبُّ الناسَ في النار على وجوههم - أو قال: على مناخرهم - إلا حصائدُ ألسنتهم » ؛ (رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح).
قَالَ: رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذُرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُك بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ فقُلْت: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ وَقَالَ: كُفَّ عَلَيْك هَذَا. قُلْت: يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْك أُمُّك وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ -أَوْ قَالَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ- إلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟! ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ [ رقم: 2616] وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. لغة الحديث: الكلمة معناها سألت عن عظيم أي سألت عن عمل عظيم. الصوم جنة أي وقاية لصاحبه من النار. وهل يكب الناس الا حصائد السنتهم. تتجافى جنوبهم عن المضاجع أي تفارق جنوبهم مواضع المضاجع أي أنهم لا يضطجعون ولا يضعون جنوبهم على هذه المضاجع يقومون الليل ويدعون الله عز وجل رغباً ورهباً. ذروة سنامه الذروة هو الطرف الأعلى من كل شيء. ملاك ذلك ما يجمع لك ذلك كله. ثكلتك أمك أي فقدتك أمك، وهذه الكلمة لا يراد بها على حقيقتها وإنما هي كلمة دارجة عند العرب لذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدعو على أحد بمثل هذا وإنما هذه كلمة ظاهرها أنها دعوة على فقدان الأم ولكنها لا تراد على ظاهرها إنما هي كلمة تجري مجرى اللسان عند العرب سابقاً تقال ويراد بها شدّ الانتباه.
ترجمة الراوي: معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي المدني البدري، أبو عبدالرحمن، أسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة، شهد العَقَبة مع الأنصار السبعين، وشهد بدرًا وأُحدًا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان أعلم الأمة بالحلال والحرام، وهو أحد الستة الذين جمعوا القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: « خذوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، وأُبَيٍّ، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى حذيفة » [1]. لا يؤاخذ الإنسان بما نطق به من السوء، إذا كان خطأ، أو نسيانا، أو كرها . - الإسلام سؤال وجواب. وأخرج أبو نعيم في الحلية، قال عمر: لو أدركت معاذًا ثم وليته ثم لقيت ربي، فقال: من استخلفت على أمة محمد؟ لقلت: سمعت نبيك وعبدك يقول: « يأتي معاذ بن جبل بين يدي العلماء برتوة » ، والرتوة: رمية سهم، وقيل: مد البصر. بعثه النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة تبوك قاضيًا ومرشدًا لأهل اليمن، فبقي في اليمن إلى أن توفي النبي صلى الله عليه وسلم، وولي أبو بكر، فعاد إلى المدينة، ثم كان مع أبي عبيدة بن الجراح في غزوة الشام ، ولما أصيب أبو عبيدة - في طاعون عمواس - استخلف معاذًا، وأقره عمر، فمات في ذلك العام، وكان من أحسن الناس وجهًا، ومن أسمحهم كفًّا، له مائة وسبعة وخمسون حديثًا، توفي عقيمًا بناحية الأردن، ودفن بالقصر المعيني بالغور سنة ثماني عشرة، فرضي الله عنه وأرضاه [2].
ولا شك أن اللسان خطيرٌ جدًا إذا لم تحفظه يهلكك؛ كما قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: « وَهَلْ يُكِبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ أَوْ قَالَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ »، فعلى المسلم أن يحذر من زلات اللسان وخطرات الكلام، ويسدد أقواله، والتسديد هو الإصابة، يقول قولًا صوابًا لا يقول قولًا خطأً. ثم بيَّن جزاء تسديد الأقوال؛ في قوله: {وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}، {وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً}{وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}فهذه هى عاقبة القول السديد، {وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً}}{وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}. {وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}فمن جملةِ طاعة الله ورَسُوله تسديد القول، وتجنيب الخطأ في القول، سائر القول المحرم ، ومعظمه الشرك بالله والسباب والشتم، وقول الزور.