medicalirishcannabis.info
ويرسل ملائكته تغشى مجالسكم ، فإن وجدوا بعضَكم يذكر الله عزّ وجلّ نادى بعضُهم بعضاً: هلمّوا ؛ قد وجدنا بُغيَتَنا ، قد وجدنا ما نبحث عنه. قال عثمان: فماذا يفعلون ؛ يا رسول الله إن وصل جمعُهم إلى حِلَق الذاكرين ؟ قال صلى الله عليه وسلم: يطوفون حول الذاكرين ، ويدورون دافعين أجنحتهم مظللة عبادَ الرحمن راضين بما يفعلون ، مُقرّين بما لهم من فضل وزلفى ومكانة عند الله ، ويرفعون إلى الله أعمال عباده. قال علي: يا رسول الله ؛ أفلا يعلم الله ما يفعل عبادُه ؟! فلِمَ ترفع الملائكةُ أعمالهم إليه – سبحانه- وتعالى ؟. باب فضل حلق الذكر - الكلم الطيب. قال صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى حين خلق آدم وأخبر ملائكته أن ذريته سيعيشون في الأرض ويعمُرونها قالت الملائكةُ: " يا رب ؛ أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ، ونحن نسبح بحمدك ، ونقدس لك ؟! فأراد المولى سبحانه أن يبيّن لهم أن في الناس من يرقى إلى مكانةٍ عظيمة حين يتصل قلبه بالله ويكون عمله خالصاً لوجهه سبحانه ، وأن الملائكة ليست وحدها تعبد الله وتعرف حقه ، وعلى هذا فهو – سبحانه- يسألهم عما رأوا من عباده مِن ذكر وعبادة ودعاء. قال سعد ابن أبي وقّاص: ولِمَ يسأل الله ملائكتَه عن المؤمنين - يا رسول الله – وهو أعلم بما يفعلون ؟.
قصص رواها النبي صلى الله عليه وسلم دكتور عثمان قدري مكانسي نحن الآن في سماء المدينة المنوّرة ، تلك البلدة الصغيرة التي شع منها نور الإيمان إلى أرجاء المعمورة … خففِ السرعة يا حادي الأرواح ، واهبط بنا قرب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم …. رويداً …. يسأل : لماذا غُفر للعبد في حديث ( هم القوم لا يشقى بهم جليسهم ) مع أنه إنما جاء لحاجة؟ - الإسلام سؤال وجواب. رويداً … هؤلاء الصحابة الكرام يتحلقون حول رسول الله صلى الله عليه وسلم – وهو يحدّثهم – فلنقتربْ قليلاً كي نملأ عيوننا من جمال طلعته ، وقلوبَنا من بهاء نوره، وآذانَنا من حسن بيانه وصدق كلماته ، ولنسلم عليه بسلام النبوّة … يا ألله ؛ ما أحلى أن يعيش المؤمن ساعة مع نبيه العظيم صلى الله عليه وسلم ، وما أفضل أن يلتقي أصحابه الكرام! … لِيجلسْ كل منا حيث ينتهي به المجلس … قد بدأنا نسمعه صلى الله عليه وسلم يقول: إن لله ملائكة يطوفون في الطرق ، يلتمسون أهل الذِّكر. قال أبو بكر: ومن أهل الذكر يا رسول الله ؟ قال صلى الله عليه وسلم: هم المصلّون وقرّاءُ القرآن ، والداعون بخير الدارين ، من يتلو حديثي ، فيفهمه، ويدرس العلم ، ويُتقنه، ومن يسبّح بحمد الله ، ويُرَطّب لسانَه بذكره. قال عمر: ولكنّ المسجدَ مكانُ هؤلاء ، يا رسول الله. قال صلى الله عليه وسلم: إن الله معك – يا عمر – في المسجد ، وبين الناس تبيع وتشتري ، وفي مسيرك إلى حاجتك ، وأنت وحدك بعيداً عنهم تذكر الله ، وتفكر في عظمته وبديع خلقه وكثرة فضائله ، وهو – سبحانه – يريد أن يراكم في حِلـَق العلم وفي حِلـَق الذكر ، في مساجدكم وفي مجالسكم ، في بيوتكم وبين أهليكم.
ثم تلا هذه الآية: { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} إلى قوله: { وكان أمره فرطا}. أما إنه ما جلس عدتكم ؛ إلا جلس معهم عدتهم من الملائكة ، إن سبحوا الله تعالى سبحوه ، وإن حمدوا الله حمدوه ، وإن كبروا الله كبروه ، ثم يصعدون إلى الرب جل ثناؤه ، وهو أعلم بهم ، فيقولون: يا ربنا عبادك سبحوك فسبحنا ، وكبروك فكبرنا ، وحمدوك فحمدنا ، فيقول ربنا جل جلاله: يا ملائكتي أشهدكم أني قد غفرت لهم.
يقول الله تعالى: وهل رأوها ، فطلبوها ؟ تقول الملائكة: لا – يارب – كيف يرونها ، وهم في الدنيا ؟ إنما عرّفهم بها رسولك محمد صلى الله عليه وسلم. يقول الله تعالى: سألونيها ، ولمّا يروها ، فكيف لو رأوها ؟ تقول الملائكة: لو رأَوها كانوا أشد حرصاً عليها ، وأشد لها طلباً ، وأعظم رغبة فيها. يقول الله تعالى: فممّ يتعوّذون ؟ وممّ يخافون ؟. تقول الملائكة: يتعوّذون من النار ، ومنها يخافون ، وإليك – ياربّ- يلجأون. هم القوم لا يشقى بهم جليسهم. يقول الله تعالى: يتعوّذون بي منها ؟ فهل رأَوها ، فخافوها ؟ تقول الملائكة: لا والله – يارب – ما رأَوها ، لكنّ كتابَك خوّفهم منها ، ورسولك الكريمَ حذ ّرهم منها ومن عذابها. يقول الله تعالى: يسألونني إجارتهم منها ، وإنقاذَهم من حرّها وعذابها ، ولمّا يرَوها ، فكيف لو أنّهم رأَوها ؟. تقول الملائكة: لو رأَوها كانوا أشدّ فِراراً منها ، وأكثر خوفاً وهروباً. يقول الله تعالى: إنهم يذكرونني ، ويسبحونني ، ويمجّدونني ، ولسألونني الجنّة ، ولم يروها ، ويتعوّذون من النار ، ولم يرَوها... أشهدُكم - يا ملائكتي – أنني قد غفرت لهم. يقول ملَك منهم: ياربّ إن فيهم رجلاً لم يأتِ إلى حلـْقتهم قاصداً ذكرك وعبادتَك ، إنما كانت له حاجةٌ عند أحدهم ، فهو ينتظره ليقضي له حاجَتَه ، أفـَقـد غفرتَ له؟.
قَالَ: وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِي ؟ قَالُوا: مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ. قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا: لَا ، قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا: وَيَسْتَغْفِرُونَكَ ، قَالَ: فَيَقُولُ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا ، وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا. قَالَ: فَيَقُولُونَ: رَبِّ فِيهِمْ فُلَانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ. فَيَقُولُ: وَلَهُ غَفَرْتُ ، هُمْ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ). وفي رواية البخاري: ( قَالَ يَقُولُ مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ: فِيهِمْ فُلَانٌ لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ ، قَالَ هُمْ الْجُلَسَاءُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ). قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " فِي الْحَدِيث فَضْل مَجَالِس الذِّكْر وَالذَّاكِرِينَ, وَفَضْل الِاجْتِمَاع عَلَى ذَلِكَ, وَأَنَّ جَلِيسهمْ يَنْدَرِج مَعَهُمْ فِي جَمِيع مَا يَتَفَضَّل اللَّه تَعَالَى بِهِ عَلَيْهِمْ إِكْرَامًا لَهُمْ وَلَوْ لَمْ يُشَارِكهُمْ فِي أَصْل الذِّكْر " انتهى. أما لماذا غفر الله لهذا العبد الخطّاء الذي جاء لحاجة لم يجيء للذكر والاستغفار ؟ فليُعلم أن الله تعالى واسع المغفرة يختص برحمته على من يشاء ، ولا يُسأل عما يفعل سبحانه.
وفي صحبةِ الصالحينَ عصمةٌ من الزللِ، وأمانٌ منَ الزيغِ.. قَالَ مُجَاهِدٌ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ لَوْ لَمْ يُصِبْ مِنْ أَخِيهِ إِلَّا أَنَّ حَيَاءَهُ مِنْهُ يَمْنَعُهُ مِنَ الْمَعَاصِي لَكَفَاهُ» [3]. وَعَنْ سَعِيدِ بن يَزِيدَ الأَزْدِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي. قَالَ: «أُوصِيكَ أَنْ تَسْتَحِيَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَمَا تَسْتَحِي مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ» [4]. ولهذا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حَاضًّا عَلَى مُرَافَقَتِهِم، ومُرَغِّبًا فِي صُحْبتَهِم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [5]. [1] سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الآية 53. [2] رواه البخاري- كِتَابُ الدَّعَوَاتِ، بَابُ فَضْلِ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، حديث رقم: 6408، ومسلم- كِتَابُ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ، بَابُ فَضْلِ مَجَالِسِ الذِّكْرِ، حديث رقم: 2689. [3] رواه ابن أبي شيبة- حديث رقم: 35451، وأبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (3/ 280)، والبيهقي في شعب الإيمان- حديث رقم: 8654، مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا (ص: 41).