medicalirishcannabis.info
والسلام كان يزيد بن عبد الملك حريصًا كل الحرص على زيادة موارد الدولة من الأموال والخراج، ولو اضطره ذلك إلى أن يسلك مع الرعية أساليب الشدة والقسوة التي اختفت في زمن سلفه، وفي المقابل، لم يكن يزيد يساير نهج عمر في التقشف على نفسه وعلى رجاله، فقد كان يميل إلى التبذير، وأعاد بعض مظاهر الأبهة والترف السلطاني التي كان قد وضعها عمر، وفي حين كان عمر يؤنب عماله أحيانًا على الإسراف في الورق والشمع، أو على تضييع دنانير قليلة من بيت المال، نجد أن يزيد يأمر عامله على مكة أن يحمل له أحد المغنيين، ويكافئه بألف دينار كاملة، فقط ليسمع منه بضع أبيات من الشعر. حكم يزيد بن عبد الملك يموج بالثورات تعرضت خلافة يزيد بن عبد الملك لتهديدات داخلية كادت تعصف بحكمه، كان من أبرزها ثورة يزيد بن المهلب بن أبي صفرة. كان المهلب أحد أبرز قادة قبائل أزد عمان، وقد صار واليًا على خراسان عام 77 هـ، فأبلى في ولايته بلاء حسنًا، وحقق فتوحات عظيمة في بلاد ما وراء النهر، كما نجح في القضاء على قطري بن الفجاءة، زعيم فرقة «الخوارج الأزارقة»، الذي أعيا جيوش الأمويين المتعاقبة لسنوات طويلة. بعد وفاة والده، خلفه يزيد بن المهلب في حكم خراسان، لكنه ما لبث أن عُزل من منصبه بتدبير من الحجاج بن يوسف الثقفي عند الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، والي الأمويين على العراق، والذي كان يخشى آل المهلب ويبغضهم، وحين تولى سليمان بن عبد الملك الخلافة (وكان بدوره يبغض الحجاج بن يوسف وسياسته بغضًا شديدًا)، أعاد يزيد إلى حظوته، وولاه العراق وخراسان معًا، وكلفه بمهمة تتبع أقارب الحجاج من آل عقيل وقتلهم، وكان من بين هؤلاء زوجة يزيد بن عبد الملك، فحاول التوسط لها عند يزيد بن المهلب، فرفض وساطته، فظل يزيد بن عبد الملك يتحين الفرصة للانتقام من ابن المهلب.
وفيها كانت وقعة بين الخوارج، وهم أصحاب بسطام الخارجي، وبين جند الكوفة، وكانت الخوارج جماعة قليلة، وكان جيش الكوفة نحوا من عشرة آلاف فارس، وكادت الخوارج أن تكسرهم، فتذامروا بينهم فطحنوا الخوارج طحنا عظيما، وقتلوهم عن آخرهم، فلم يبقوا منهم ثائرة. وفيها خرج يزيد بن المهلب فخلع يزيد بن عبد الملك واستحوذ على البصرة، وذلك بعد محاصرة طويلة، وقتال طويل، فلما ظهر عليها بسط العدل فى أهلها، وبذل الأموال، وحبس عاملها عدى بن أرطاة، لأنه كان قد حبس آل المهلب الذين كانوا بالبصرة، حين هرب يزيد بن المهلب من محبس عمر بن عبد العزيز، كما ذكرنا، ولما ظهر على قصر الإمارة أتى بعدى بن أرطاة فدخل عليه وهو يضحك، فقال يزيد بن المهلب: إنى لأعجب من ضحكك، لأنك هربت من القتال كما تهرب النساء، وإنك جئتنى وأنت تُتَلُّ كما يُتَل العبد. فقال عدي: إنى لأضحك لأن بقائى بقاء لك، وأن من ورائى طالبا لا يتركني، قال: ومن هو؟ قال: جنود بنى أمية بالشام، ولا يتركونك، فدارك نفسك قبل أن يرمى إليك البحر بأمواجه، فتطلب الإقالة فلا تقال. فرد عليه يزيد جواب ما قال، ثم سجنه كما سجن أهله.
ولما مرض عمر وثب غلمان يزيد، فأخرجوه من السجن. وسار إلى البصرة فدخلها وغلب عليها سنة 101هـ. وكتب إلى عمر بن عبد العزيز كتاباً يقول: إني لو وثقت بحياتك لم أخرج من محبسك، ولكني خفت أن يلي يزيد فيقتلني شر قتلة. فورد كتاب وبه رمق، فقال: الهم إن كان يري بالمسلمين سوءاً فألحقه به وهضه فقد هاضني. ثم نشبت حروب بينه وبين أمير العراقين مسلمة بن عبد الملك، انتهت بمقتل يزيد، في مكان يسمى العقر بين واسط وبغداد. وأخباره كثيرة. قال خليفة:(1)وفي سنة تسع وتسعين قدم عدي(2)واليا من قبل عمر بن عبد العزيز على البصرة، فأتى يزيد بن المهلب يسلم عليه، فقيده عدي وبعث به إلى عمر بن عبد العزيز، فطالبه بالأموال التي كانت عنده في عهد سليمان فأنكرها، فحبسه بحصن حلب. قلت: فلما توفي عمر انفلت يزيد من الحبس، وقصد البصرة ودعا إلى نفسه، وتسمى بـ القحطاني، ونصب رايات سوداء، وقال: أدعو إلى سيرة عمر بن الخطاب، فقام الحسن البصري(3)في الناس خطيبا، فذم يزيد وخروجه، فأرسل يزيد بن عبد الملك أخاه مسلمة(4)في جيش، فحارب ابن المهلب، فظفر به فقتله، فوثب ابنه معاوية بن يزيد بن المهلب(5)،فقتل عدي بن أرطأة وجماعة صبرا. قال الدار قطني: عدي يحتج بحديثه.
لما رأى يزيد انهزام أصحابه نزل عن فرسه وكسر جفن سيفه واستقبل، وجاءه من أخبره أن أخاه حبيب قد قُتل، فقال: لا خير في العيش بعد حبيب، قد كنت والله أبغض الحياة بعد الهزيمة، فوالله ما ازددت لها إلا بغضًا، امضوا قدماً. قال أصحابه: فعلمنا أن الرجل قد استقتل. ثم أقبل يزيد على مسلمة لا يريد غيره، حتى إذا دنا منه، دعا مسلمة بفرسه ليركبه، فعطفت عليه خيول أهل الشام وعلى أصحابه، فقال القحل بن عياش الكلبي لما نظر إلى يزيد: يا أهل الشام هذا والله يزيد، لأقتلنه أو ليقتلني، إن دونه ناساً، فمن يحمل معي يكفيني أصحابه حتى أصل إليه فقال له ناس من أصحابه: نحن نكمل معك، فحملوا بأجمعهم. سحر الكلام دخل كريز بن زفر بن الحارث على يزيد بن المهلب فقال: «أصلح الله الأمير، أنت أعظم من أن يستعان بك ويستعان عليك، ولست تفعل من الخير شيئاً إلا وهو يصغر عنك وأنت أكبر منه، وليس العجب أن تفعل، ولكن العجب أن لا تفعل» قال:سل حاجتك قال: عشر ديّات قال: قد أمرت لك بها وبمثلها — مناور سليمان (@mnaw7) September 10, 2020 بعدها شوهد يزيد قتيلاً، وجاء القحل وهو في رمقه الأخير، فأومأ إلى أصحابه يريهم مكان يزيد، وأنه هو قاتله وأن يزيد قتله.
روى عن مطرف بن عبد الله بن الشخير في الحج. • (1) يزيد بن المهلب بن أبي صفرة، الأمير، أو خالد الأزدي. ولد زمن معاوية سنة 53 هـ، وولي المشرق بعد أبيه، ثم ولي البصرة لسليمان بن عبد الملك، ثم عزله عمر بن عبد العزيز بعدي بن أرطأة، وطلبه عمر وسجنه. وكان الحجاج قد عزله وعذبه، فسأله أن يخفف عنه الضرب على أن يعطيه كل يوم مئة ألف درهم. فقصده الأخطل ومدحه، فأعطاه مئة ألف، فعجب الحجاج من جوده في تلك الحال وعفا عنه. واعتقله، ثم هرب من حبسه ثم قتل في صفر سنة 102 هـ. قال الذهبي قلت: قتل عن تسع وأربعين سنة،ولقد قاتل قتالا عظيما، وتفللت جموعه (انكسروا وانهزموا)، فما زال يحمل بنفسه في الألوف، لا لجهاد، بل شجاعة وحمية، حتى ذاق حمامه. نعوذ بالله من هذه القتلة الجاهلية. يزيد بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي، أبو خالد، ولي خراسان بعد وفاة أبيه سنة 83 هـ. فمكث نحوا من ست سنين، وعزله عبد الملك بن مروان (برأي الحجاج، أمير العراقين في ذلك العهد) وكان الحجاج يخشى بأسه، فلما تم عزله حبسه، فهرب يزيد إلى الشام. ولما أفضت الخلافة إلى سليمان ابن عبد الملك، ولاه العراق ثم خراسان، فعاد إليها، وافتتح جرجان و طبرستان. ثم نقل إلى إمارة البصرة، فأقام فيها إلى أن استخلف عمر بن عبد العزيز، فعزله، وطلبه، فجئ به إلى الشام، فحبسه بحلب.
وقد روى عنه ابنه عبد الرحمن بن يزيد، وأبو إسحاق السبيعي، وقد كان مولده فى زمن الخليفه معاوية بن أبى سفيان، سنة ثلاث وخمسين من الهجره، وكان الحجاج بن يوسف الثقفى، قد عزله وعذبه ، فسأله أن يخفف عنه الضرب على أن يعطيه كل يوم مائة ألف درهم، فقصده الأخطل ومدحه، فأعطاه مائة ألف، فعجب الحجاج بن يوسف، من جوده في تلك الحال وعفا عنه، وقد اعتقله، ثم هرب من حبسه، وقد قيل أنه له أخبار في السخاء والشجاعة، وكان الحجاج بن يوسف مزوجا بأخته، وكان يدعو " اللهم إن كان آل المهلب برآء ، فلا تسلطني عليهم ، ونجهم " وقيل أنه هرب يزيد بن المهلب من الحبس، وقصد عبد الملك بن مروان. فمر بعريب في البرية، فقال لغلامه " استسقنا منهم لبنا، فسقوه فقال أعطهم ألفا، قال إن هؤلاء لا يعرفونك، قال لكني أعرف نفسي، وقيل أنه أغرم سليمان بن عبد الملك، عمر بن هبيرة الأمير ألف ألف درهم ، فمشى في جماعة إلى يزيد بن المهلب فأداها عنه، وكان سليمان بن عبد الملك قد ولاه العراق وخراسان، فقال فودعني عمر بن عبد العزيز، وقال يا يزيد ، اتق الله، فإني وضعت الوليد في لحده فإذا هو يرتكض في أكفانه، وقال خليفة فسار يزيد إلى خراسان ثم رد منها سنة تسه وتسعين من الهجره، فعزله عمر بن عبد العزيز، بعدي بن أرطاة ، فدخل ليسلم على عدي، فقبض عليه وجهزه إلى عمر، فسجنه حتى مات عمر بن عبد العزيز.
عدد المشاهدات: 82