medicalirishcannabis.info
مجلة الرسالة/العدد 100/حول الأوزاعي (ثانياً) للأستاذ أمين الخولي المدرس بكلية الآداب كنت كتبت في العدد 91 من الرسالة، كلمة عن الأوزاعي، قصدت فيها أول ما قصدت إلى ملاحظات في أسلوب تفكير الكاتب، وعرضت في ذلك لإنكاره تأثر الأوزاعي بالفقه الروماني في الشام. ودار حول ذلك كلام، آخره ما كتبه الأديب الفاضل صالح بن علي الحامد العلوي في العدد 97 من الرسالة، تحت عنوان: (هل تأثر الفقه الإسلامي بالفقه الروماني أو الحقيقة هي العكس)؛ وإني أشكر لحضرته غيرته الدينية، وجميل أدبه في نقاشه، ثم أعود إلى الموضوع من الناحية التي عرضت له منها أول ما عرضت: ناحية أسلوب التفكير، وصحة الانتقال والاستنتاج. عبارات عن البيئه رائعه جدا. ويبدو لقارئ مقال الأديب السنغافوري أنه متأثر بمقال نشر في مجلة النهضة الحضرمية بعنوان: (من أين أخذ الإفرنج قوانينهم) وقد نقل منه قدرا كبيرا. ولعله يسر حضرته أن أبلغه أن هذا الموضوع نفسه نشر في مصر - وربما بنصه - منذ ربع قرن مضى، ملحقا بكتاب مقدمة القوانين للأستاذ عبد الجليل سعد، وقد طبع سنة 1910م.
واشتد الخلاف بينهم عندما عرضوا للسؤال الرابع وهو الخاص بإعفاء المجرم من المسؤولية، فقالت السيدة سمية والأستاذ مظهر بوجوب النظر في حال المجرم من حيث نوع شخصيته، فلا يعاقب ذو الشخصية المريضة كالذي يسمى (السيكوباتي) وغيره مما كونته ظروف البيئة تكويناً سيئاً، وخالفهما الدكتور بقطر والأستاذ سلامة، فقال الثاني إن المجرم من أي نوع متأثر في إجرامه بالوراثة والبيئة على اختلاف تقدير حظه من كل منهما، فكل مجرم لا بد له فيما يرتكب إذا أخذنا بقاعدة الإعفاء من الإجرام الاضطراري. وقال الدكتور بقطر إنه لاحظ في أثناء وجوده أخيراً بأمريكا، أن الجرائم هناك قد كثرت بفضل علماء النفس الذين يعللون دوافع الإجرام تعليلا يعفي المجرمين من العقاب أو يخففه عنهم، ويفسح القضاة لهذه التحليلات النفسية، ويصدرون أحكامهم بناء عليها.
وقد دارت المناقشة بينهم في الإجابة عن هذه الأسئلة: ماذا يقصد بالشخصية وبالجريمة؟ وهل الشخصية موروثة أو مكتسبة؟ وهل يورث الإجرام أو يكتسب؟ وإلى أي حد ينبغي أن يعفى المجرم من المسؤولية؟ ومجمل ما اتفقوا عليه أن الشخصية هي مجموعة الصفات الجسمية والوجدانية والأخلاقية وتفاعلها، وأن الشخصية الحسنة هي التي يلائم صاحبها بين تصرفاته وبين المجتمع ويتحمل تبعة أعماله، والسيئة هي غير الملائمة المتخففة من المسؤولية؛ وأن كلا من الشخصية والإجرام يتكون من الوراثة ومن البيئة، وقد اختلف المتناظرون في أيهما - الوراثة والبيئة - أكثر أثراً وإن كانوا متفقين على وجودهما في الشخصية والجريمة. وقد اختلفوا في تعريف الجريمة، فبدأت السيدة سمية بأن الجريمة لا حقيقة لها، لأن ما يعتبره بعض البلاد جريمة قد لا يعتبره كذلك بلد آخر، وما يستنكر ارتكابه في زمن قد يستساغ في زمن آخر، ومثلت لرأيها بفظائع الحرب ومعاونة العلماء على استحداث المدمرات التي آخرها القنبلة الذرية، مما يوصف بالبطولة والوطنية، وهو في الواقع وحشية منكرة. ووافقها الأستاذ سلامة قائلا إن الجريمة تتبع العرف وإنها ليست إلا الأعمال التي لا يقرها المجتمع. عبارات عن نظافة البيئة. وخالفهما الدكتور بقطر والأستاذ مظهر ذاهبين إلى أن الجريمة كل تصرف يخرج على النظام ويقع منه ضرر على الفرد والجماعة وهي تكون في زمن معين ومكان محدد.