medicalirishcannabis.info
فالتقدير: مرسلة إليهم كتابا ووفدا مصحوبا بهدية; إذ لا بد أن يكون الوفد مصحوبا بكتاب تجيب به كتاب سليمان ، فإن الجواب عن الكتاب عادة قديمة ، وهو من سنن المسلمين ، وعد من حق المسلم على المسلم قال القرطبي: إذا ورد على إنسان في كتاب بالتحية أو نحوها ينبغي أن يرد الجواب; لأن الكتاب من الغائب كالسلام من الحاضر. وروي عن ابن عباس أنه كان يرى رد الكتاب واجبا كرد السلام اهـ. ولم أقف على حكم فيه من مذاهب الفقهاء. والظاهر أن الجواب إن كان عن كتاب مشتمل على صيغة السلام أن يكون رد الجواب واجبا وأن يشتمل على رد السلام; لأن الرد بالكتابة يقاس على الرد بالكلام مع إلغاء فارق ما في المكالمة من المواجهة التي يكون ترك الرد معها أقرب لإلقاء العداوة. قالت ان الملوك اذا دخلوا قرية افسدوها. ولم أر في كتب النبيء صلى الله عليه وسلم جوابا عن كتاب إلا جوابه عن كتاب مسيلمة والسلام على من اتبع الهدى. [ ص: 267] والهدية: فعيلة من أهدى: فالهدية ما يعطى لقصد التقرب والتحبب ، والجمع هدايا على اللغة الفصحى ، وهي لغة سفلى معد. وأصل هدايا: هدائي بهمزة بعد ألف الجمع ثم ياء; لأن فعيلة يجمع على فعائل بإبدال ياء فعيلة همزة; لأنها حرف وقع في الجمع بعد حرف مد فلما وجدوا الضمة في حالة الرفع ثقيلة على الياء سكنوا الياء طردا للباب ثم قلبوا الياء الساكنة ألفا للخفة فوقعت الهمزة بين ألفين فثقلت فقلبوها ياء ؛ لأنها مفتوحة وهي أخف ، وأما لغة سفلى معد فيقولون: هداوى بقلب الهمزة التي بين الألفين واوا ؛ لأنها أخت الياء وكلتاهما أخت الهمزة.
وقال ابن شجرة. هو قول بلقيس ، فالوقف وكذلك يفعلون أي وكذلك يفعل سليمان إذا دخل بلادنا. ﴿ تفسير الطبري ﴾ يقول تعالى ذكره: قالت صاحبة سبأ للملأ من قومها, إذ عرضوا عليها أنفسهم لقتال سليمان, إن أمرتهم بذلك: (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً) عنوة وغلبة ( أفْسَدُوها) يقول: خرّبوها(وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً) وذلك باستعبادهم الأحرار, واسترقاقهم إياهم; وتناهى الخبر منها عن الملوك في هذا الموضع فقال الله: (وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ) يقول تعالى ذكره: وكما قالت صاحبة سبأ تفعل الملوك, إذا دخلوا قرية عنوة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا أبو بكر, في قوله: (وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً) قال أبو بكر: هذا عنوة. الباحث القرآني. حدثنا أبو هشام الرفاعي, قال: ثنا أبو بكر, قال: ثنا الأعمش, عن مسلم, عن ابن عباس, في قوله: (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا) قال: إذا دخلوها عنوة خرّبوها. حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال ابن عباس: (قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً) قال ابن عباس: يقول الله: (وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ).
فقد يكون الملك أو رئيس الدولة صالحًا، فيكون من أفضل الناس فقد جاء في الحديث " ليوم من إمام عادل خير من عبادة ستين سنة " ( رواه الطبراني بإسناد حسن من حديث ابن عباس رضي الله عنهما). فإنه يقضي من المصالح ويفرج من الكربات ويزيل من المظالم ما لا يفعله في عبادة ستين سنة. يقابل هذا في القرآن ذكر ملوك ظالمين، كالنمرود (الذي حاج إبراهيم في ربه، أن أتاه الله الملك، إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيى ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم: فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب، فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين). القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة النمل - الآية 34. (البقرة: 258). ومثله فرعون الذي طغى وبغى (فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى) (النازعات: 24) وقال: (يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري) (القصص: 38) وسبب هذا الطغيان غروره بالملك قال: (أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون). (الزخرف: 510). ومثله ذلك الملك الذي ذكره القرآن الكريم في سورة الكهف، وقد كان يغتصب أموال الناس بغير حق (وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبًا) (الكهف: 79) فهؤلاء هم المذمومون. أما الملك في ذاته والحكم في ذاته، فليس شرًا، إنما قد يكون صالحًا للرجل الصالح كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في المال: " نعم المال الصالح للمرء الصالح ".