medicalirishcannabis.info
شباب يوسف ودخوله السجن كان ليوسف نصيب كبير من الجمال وكان كل من يراه ينبهر به وبخلقه الحسن وأخلاقه العظيمة والعلم والحكمة التي كان يتمتع بها، وكان محط أنظار امرأة عزيز مصر الذي تربى يوسف في بيتها، وكانت تخطط لإغواءه فقررت في يوم حينما خرج زوجها وغلقت الأبواب حاولت أن تقوم بفتنته وفعل الفاحشة معه، ولكن يوسف أبى أن يفعل ذلك ففر هاربا منها، فأمسكت بقميصه فتمزق من الخلف، وهنا جاء زوجها إلى البيت فراه قميصه وهو ممزق، وسأل عما حدث فاتهمت يوسف بأنه حاول الاعتداء عليها فأنكر يوسف تهمه الاعتداء. فجاء حكم وقال إذا كان قميصه مزق من الأمام فهو كاذب وإذا كان قميصه مزق من الخلف فهي كاذبة، فرأوه قميصه مزق من الخلف فكذبت وصدق يوسف، وانتشرت قصة امرأة العزيز بين نساء مصر، فجاءت بهن إلى بيتها وطلبت من يوسف أن يخرج عليهن فلما راؤه سرق عقولهن وأبصارهن من شدة جمال وجه، فجرحن أيديهن بالسكاكين التي كانوا يتمسكوا بها، فطلبت منه أن يُجامعها أو أن تلقي به في السجن فاختار يوسف السجن على فعل يغضب الله. تحقيق حلم يوسف وهنا أصبح الملك يثق بيوسف بعد ما عرف قصته وأمانته، فقام بتعينه عزيز مصر وأمينا على خزائنها، وفي أحدى الأيام جاؤوا أخوه يوسف إليه يطلبون الطعام من ملك مصر فعرفهم يوسف ولكن هم لم يتعرفوا عليه، وبدا بالتفكير في وضع خطة ليجتمع مع أبيه وأخيه، منع عنهم الطعام حتي يحضروا أخوهم، فذهبوا إلى أبيهم وطلبوا منه أن يأخذوا أخوهم حتي يعطيهم عزيز مصر الطعام، فخاف يعقوب عليه السلام أن يفعلوا به مثل ما فعلوا بيوسف، فأقسموا له أنهم سيعدون به، وحينما جاؤوا إلى مصر واستلموا الطعام فوضع يوسف تاجه في أغراض أخيه.
ومنها: أنه يبدأ بالأهم فالأهم، وأنه إذا سئل المفتي وكان السائل حاجته في غير سؤاله أشد أنه ينبغي له أن يعلمه ما يحتاج إليه قبل أن يجيب سؤاله، فإن هذا علامة على نصح المعلم وفطنته وحسن إرشاده وتعليمه؛ فإن يوسف لما سأله الفتيان عن رؤياهما، وكانت حاجتهما إلى التوحيد والإيمان أعظم من كل شيء قدّمها. ومنها: أن من وقع في مكروه وشدة لا بأس أن يستعين بمن له قدرة على تخليصه بفعله، أو الإخبار بحاله، وأن هذا لا يكون نقصًا ولا شكوى إلى المخلوق ممنوعة، فإن هذا من الأمور العادية التي جرى العرف باستعانة الناس بعضهم ببعض فيها، ولهذا قال يوسف للذي ظن أنه ناج منهما: ﴿ اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ﴾ [يوسف: 42]. ومنها: أنه يتعين على المعلم والداعي إلى الله استعمال الإخلاص التام في تعليمه ودعوته، وألا يجعل ذلك وسيلة إلى معاوضة في مال أو جاه أو نفع، وألا يمتنع من التعليم إذا لم يفعل السائل ما كلفه به المعلم، فإن يوسف قد وصى أحد الفتيين أن يذكره عند ربه فلم يذكره ونسي، فلما بدت حاجتهم إلى سؤال يوسف أرسلوا ذلك الفتى، وجاءه سائلًا مستفتيًا عن تلك الرؤيا، فلم يعنفه يوسف ولا وبخه، بل ولا قال له: لِمَ لَمْ تذكرني عند ربك؟ وأجابه جوابًا تامًّا من جميع الوجوه.
اللهم احفظنا بما تحفظ به عبادك الصالحين. ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه؛ فصلوا عليه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وقال الثاني: أما أنا فقد كنت ميسور الحال ، أحيا رغداً من العيش ، وليَ ابنة عمّ جميلة المُحيّا ، بهيّة الطلعة ، أحبها ، وأرغب فيها ، فراودْتها عن نفسها ، فأبَتْ ، وبذلتُ لها المال ، فتمنّعتْ ، أغريتها بشتّى الوسائل ، فلم أنل منها ما أبتغي. فحبست ألمي وحسرتي في نفسي ، لا أنفرج إلا إذا نلتُها. ثم واتت الفرصة إذ جاءتني في سنة جديبة تطلب المساعدة من ابن عمّها على فقرها ، فراودتني نفسي على إغوائها ، واغتنمت حاجتَها وبؤسَها ، فأعطيتها مئة وعشرين ديناراً على أن تخلّيَ بيني وبين نفسها ، ففعَلَتْ... يا لهف نفسي ، ويا سعادتي ، إنني قاب قوسين أو أدنى إلى اجتناء ثمرة صبري... هاهي بين يدَيّ ، بل إنني منها مقام الزوج مكان العفة من زوجته ، والشهوة تنتفض في كل ذرّة من جسمي... قالت والدمع يملأ مآقيها ، والحزن يتملّكها: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقّه. فالاتصال الزوجي قمة السعادة ، والحلال مَراحُ النفس وأُنسُ الروح ، أما الزنا فلذّة اللحظة ، وندم الحياة ، وذلّ الآخرة... دقّ قلبي رافضاً ، وختلجت أوصالي آبية الوقوع في الإثم ، ورأيتُ بعينَيْ قلبي غضب ربي ، فقمت عنها منصرفاً ، وتركت لها المال راغباً في عفو الله ومرضاته... قصة نبي الله يوسف مختصره. اللهم ؛ إن كنتُ فعلت ذلك ابتغاء وجهك الكريم فافرُج عنا ما نحن فيه.... فانفرجت الصخرة ، غير أنهم لا يستطيعون الخروجَ منها.
الدرس الخامس: أن الله ثبَّت قلبَ يوسفَ -عليه السلام- مع أن امرأةَ العزيزِ تهيأت ووفَّرت أسباب الفاحشة، ويوسفُ -عليه السلام- شابٌ عزب وغريبٌ، وما همَّ يوسف به إنما هي خطراتُ حديثِ النفس، وقيل: همَّ بضربها، وقيل: تمناها زوجة. وأما البرهان في قوله: ( لَوْلاَ أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ)[يُوسُف: 24]، فالذي رآه قيل: صورة أبيه يعقوبَ عاضًا على أصبعه بفمه، وقيل: رأى خيال المَلِك يعني سيدَه، وقيل: البرهان عندما رفع رأسه إلى سقف البيت فإذا كتاب في حائط البيت، ( وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وسَاءَ سَبِيلاً)[الإسرَاء: 32]، قال ابن جرير: " والصواب أن يقال: إنه رأى آية من آيات الله تزجره عما كان به، وجائز أن يكون صورة أبيه أو الملك أو ما رآه مكتوبًا ".