medicalirishcannabis.info
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوافق ما دل عليه كتاب الله عز وجل، ففي الصحيحين عن معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟ فقال معاذ: قلت: الله ورسوله أعلم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا الحديث. وفي صحيح البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من مات وهو يدعو لله ندا دخل النار وخرج مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ومنن لقيه يشرك به شيئا دخل النار والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. حقيقة العبادة : أن افعل ما امر الله به وترك ما نهى الله عنه - بنك الحلول. وهذه المسألة هي أهم المسائل وأعظمها، وقد بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى التوحيد والنهي عن الشرك، فقام بتبليغ ما بعثه الله به عليه الصلاة والسلام أكمل قيام، وأوذي في الله أشد الأذى فصبر على ذلك وصبر معه أصحابه رضي الله عنهم على تبليغ الدعوة حتى أزال الله من الجزيرة العربية جميع الأصنام والأوثان، ودخل الناس في دين الله أفواجا، وكسرت الأصنام التي حول الكعبة وفي داخلها، وهدمت اللات والعزى ومناة، وكسرت جميع الأصنام التي في قبائل العرب، وهدمت الأوثان التي لديهم، وعلت كلمة الله وظهر الإسلام في الجزيرة العربية.
فمن ترك -أيها المؤمنون- الحرام، وابتعد عن الآثام خوفاً من الله ورجاءً لثوابِ الله، ولأجل الله -سبحانه وتعالى- كان ذلِكم من جملة حسناته، ومعدوداً في طاعاته، وهو مما يأجره الله عليه ويثيبه عليه عظيم الثواب. وبهذا -أيها المؤمنون- نتبيّن أن المؤمن بنيةٍ صالحة، وحسن اتباع للرسول -صلى الله عليه وسلم- تمضي حياتُه كلُها عبادةً لله، محققاً بذلكم قول الله -جل شأنه-: ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: 99]. أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية: الحمد لله عظيمِ الإحسان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: أيها المؤمنون: اتقوا الله -تعالى-. حقيقة العبادة في الإسلام. عباد الله: والعبادة لا يقبلها الله -جل وعلا- من العامل إلا بشرطين عظيمين وأصلين متينين ألا وهما: الإخلاص للمعبود، والمتابعة للرسول -صلى الله عليه وسلم-، وقد جمع الله بينهما في قوله: ( فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) [الكهف: 110] وللعبودية -أيها المؤمنون- أركان مكانها القلب لابد من توافرها في كل عبادة، وهي: حب الله، ورجاء ثوابه، وخوف عقابه جل شأنه.
الخطبة الأولى: الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الرزاق ذو القوة المتين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين بلسان عربي مبين، فبلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: أيها المؤمنون: اتقوا الله -تعالى-؛ فإن من اتقى الله وقاه، وأرشده إلى خير أمور دينه ودنياه. أيها المؤمنون: إن العبادة هي الغايةُ المحبوبة لله، المرضيةُ له سبحانه التي لأجلها خلق الجن والإنس؛ كما قال الله -تعالى-: ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات: 56]، وبها أرسل رسله الكرام، وأنزل كتبَه العظام، قال الله -تبارك وتعالى-: ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) [النحل: 36]، وقال الله -تعالى-: ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء: 25]، والآيات في هذا المعنى كثيرة. أيها المؤمنون: والعبادة أساس السعادة، وسبيل الفلاح، وعنوان سعادة العبد في دنياه وأخراه؛ فلا حياة هنيئة ولا سعادة في هذه الدار وفي دار القرار إلا بتحقيق العبودية لله التي هي حق الله على العباد.