medicalirishcannabis.info
بقلم | عمر نبيل | الاحد 27 فبراير 2022 - 09:47 ص يقول الحق تبارك وتعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين: «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا» (الأعراف 180)، ومن هذه الأسماء التي وردت في القرآ، الكريم، اسم الله الرزاق أو الرازق. و(الرازق) و(الرزاق)، هو المفيض على عباده والمنعم عليهم بإيصال حاجتهم إليهم، قال تعالى: «إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ» (58 الذاريات)، وفي قوله تعالى: « وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ » (سبأ: 39)، وفى قوله سبحانه: « وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ » (المائدة:114). والرزق أي النفع، وهو مادي أو معنوي، كلمة أسعدك بها إنسان رزق، الابتسامة رزق فقد انتفع بهما قلبك، والعلوم أرزاق انتفع بها عقلك، والطعام والشراب رزق انتفع بهم بدنك، فكل ما يصل للإنسان وينتفع به الأبدان والأرواح والعقول والقلوب فهو لاشك رزق من الله عز وجل. خير الرازقين فالله هو خير الرازقين، فأنت عزيزي المسلم تتوكل عليه، فيرزقك ويمنحك ما تريده، وقد تتغافل عن شكره، ومع ذلك يرزقك مجددًا، ولا يمنعك، ذلك بأنه مالك الملك، ينفق كيف يشاء، ومهما أنفق فإن كل ذلك لن يكون بمقدار ما يخرجه المخيط إذا وضع في ماء المحيط.
ويقول صلى الله عليه وسلم: ((إن الرزق لَيطلُبُ العبدَ كما يطلبه أجَلُه))؛ صحيح الترغيب. وفي صحيح الجامع يقول صلى الله عليه وسلم: ((لو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرُبُ من الموت، لأدرَكَه رزقُه كما يدركه الموت)). وإذا كان الأمر كذلك، فلا معنى للتسابق لجمع المال إلى حدِّ المقاتلة، ولا حقيقة لاستغراق كل الوقت في التحصن للدنيا والجري وراءها إلى حد المنافسة، قال صلى الله عليه وسلم: ((مَن كانت الدنيا همه، فرَّق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينَيْه، ولم يأتِهِ من الدنيا إلا ما كُتب له، ومَن كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة))؛ صحيح سنن ابن ماجه. كيف نستثمر اسم الله "الرزاق" في حياتنا؟ وما الأسباب العشرون لاستجلابه؟ وما الموانع العشرة التي ترده؟ ذلك ما سيكون موضوعنا في المناسبات القادمة إن شاء الله تعالى.
اسم ابتلى الله به كثيرًا منا بقليل الأرزاق، أو أفاء به على بعضنا من نفيس الأعلاق؛ لحِكَمٍ هو بها أعلم، ولأسرارٍ هو بها أحكم، ولأسباب هو في تقديرها أرحم. إنه اسم الله "الرزاق"، الذي يَقبِض ويبسُط، ويُعطي ويَمنع، ويَحرِم ويمنح، المخرج لأقوات الأرض بقدرٍ يقدره، المنزل لبركات السماء بعلم يعلمه، لا يخطئ عطاؤه، ولا يحيد منعه، سبحانه ﴿ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الشورى: 12]، و﴿ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ﴾ [الأنعام: 14]. قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 58]. كلمات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يسمعها من عبدالله بن مسعود، قال رضي الله عنه: "أقرَأني رسول الله صلى الله عليه وسلم - أي: حمَلني على أن أقرأ -: إني أنا الرزاق ذو القوة المتين"، وهي قراءة صحيحة شاذة، والأثر في صحيح سنن أبي داود. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله هو المُسعِّر، القابض الباسط، الرازق، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحدٌ منكم يطالبني بمظلمةٍ في دم ولا مال))؛ صحيح سنن أبي داود. و"الرزاق" هو: المتكفِّل برزق المخلوقات، القائم عليها بما يقوم به أمرها، وتستقيم حياتها.
أدلة هذا الاسم من النصوص الشرعيّة من الآيات قوله تعالى: {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} (الذريات:58)، وقوله تعالى:{وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين} (سبأ: 39)، وقول الباري سبحانه: {وارزقنا وأنت خير الرازقين} (المائدة:114)، وفي آية أخرى: {أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين} (المؤمنون:72). ومن الأحاديث ما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله قد غلا السعر فسعّر لنا، فقال: (إن الله هو المسعّر، القابض الباسط الرازق) رواه ابن ماجة. آثار الإيمان بهذا الاسم أولاً: اليقين بأن مقاليد الرزق بيد الله تعالى وحده، وإدراك ارتباطها بمشيئته سبحانه، فيُعطي هذا ويمنع ذاك، ويُغني هذا ويُفقر ذاك، لحكمة بالغة لا يعلمها إلا هو، وهذه اللطيفة الإيمانية نستقيها من قوله تعالى:{ والله يرزق من يشاء بغير حساب} (البقرة:212)، فقيّد الرزق بالمشيئة؛ لأن من العباد من يكون الغنى خيراً له، ومنهم من لا ينفعه الغنى لأنه يُفسده ويُطغيه فيكون الأنسب له أن يُقْدر عليه رزقه، وفي كلا الحالين نؤمن بأن الله تعالى قد اختار الأكمل لعباده والأنفع لهم.
كما ورد في حديث عبد الله ابن مسعود رضي الله عنهما إذ قال: "أقرئنى رسول الله إني أنا الرزّاق ذو القوة المتين) [رواه الترميذي]. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله هو المسعر القابض الباسط الرزّاق" [رواه الترميذي]. مظاهر اسم الرزّاق الرزق قد يكون أموالا وضياعا واملاكا وعملا وغيرها من المنافع المادية، لكن أعظم من ذلك رزق الأرواح، وأفضلها اتباع دين الحق بالإيمان والتوحيد وحسن الطاعة والعبادة عن علم ويقين، كما أن التوفيق للحمد والشكر رزق ، والخلاق الحسنة والترفع عن الدنايا وتجنب الخطايا رزق. ومن حسن إكرام الله لعبده أن يرزقه قلبا خاشعا ولسانا صادقا ذاكرا، وعقلا راجحا ونفسا قانعة راضية، ويغدق عليه من محبة الصالحين، ويرزقه الإستعانة به والتوكل عليه. فعَنْ عَلِيٍّ بن أَبِي طالب -رضي الله عنه- أَنَّ مُكَاتَبًا جَاءَهُ فَقَالَ:" إِنِّي قَدْ عَجَزْتُ عَنْ مُكَاتَبَتِي فَأَعِنِّي، قَالَ: أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ دَيْنًا أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ، قَالَ: " قُلْ: اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ " [رواه الترميذي].