medicalirishcannabis.info
وقيل: «أصلح دينَهم، ودنياهم، وقلوبَهم، وأعمالَهم، وأصلح ثوابَهم بتنميته وتزكيته، وأصلح جميعَ أحوالهم» [19]. ولا ريب أَنَّ إِصلاحَ البالِ نعمةٌ كبرى، ومِنَّةٌ عُظمى، تلي نعمة الإيمان في القَدْر والقيمة والأثر. وفي ذلك اطمئنان لهم، وراحة كبيرة، وثقةٌ بالله تعالى في ثوابهم العاجل والآجل. العمل بالقرآن الكريم يعني. ومتى صَلَحَ البال، استقام السُّلوك والعمل، واطمأنَّ القلب، وتنزَّلت عليه السَّكينة، ورضيت النَّفس واستمتعت بالأمن والإيمان، وماذا بعد من نعمةٍ أو متاع. والسبب المباشر لهذا الجزاء المبارك أنهم: ﴿ اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ [محمد: 3]، أي: أنهم عملوا بهذا القرآن العظيم الصادر ﴿ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ الذي رَبَّاهُم بنعمته، ودَبَّرهم بلطفه، فربَّاهم تعالى بالحقِّ فاتَّبعوه، فعند ذلك صلحت أمورهم. فلمَّا كانت الغاية المقصودة لهم متعلِّقة بالحقِّ المنسوبِ إلى اللهِ الباقي الحقِّ المبين، كانت الوسيلةُ صالحةً باقيًا ثوابُها [20]. فهذه هي بعض فضائِلِ العمل بالقرآن العظيم، وحُسْنِ الجزاء عليه في الدُّنيا والآخرة، نسأل اللهَ تعالى أن يرزقنا حُسْنَ العملِ بكتابه، وحُسْنَ الجزاءِ على ذلك، إنه سميع مجيب. [1] تفسير ابن كثير (3/ 383).
هذه الآية الكريمة تدل دلالةً واضحةً على أنَّ أقصرَ سبيل وأوضَحَه لنيل رحمة الله تعالى هو اتِّباع هذا الكتاب العظيم علمًا وعملًا. ومعنى الآية: إنَّ ﴿ هَذَا ﴾ الذي تُليت عليكم أوامره ونواهيه ﴿ كِتَابٌ ﴾ عظيم الشأن، لا يقادر قدره، ﴿ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ ﴾ لكثرة منافعه الدِّينية والدنيوية. والفاء في قوله تعالى: ﴿ فَاتَّبِعُوهُ ﴾ لترتيب ما بعدها على ما قبلها، فإنَّ عظمة هذا الكتاب، وكونه منزلًا من الله جلَّ جلالُه، وفيه ما فيه من المنافع الدينية والدنيوية، هذا كُلُّه موجب لاتِّباعه والعمل به [10]. قال ابن عاشور رحمه الله: «وافتتاح الجملة باسم الإشارة، وبناءُ الفعلِ عليه، وجَعْلُ الكتابِ الذي حَقُّه أن يكون مفعولَ ﴿ أَنزَلْنَاهُ ﴾ مبتدأ، كُلُّ ذلك للاهتمام بالكتابِ والتنويه به. وتَفْرِيعُ الأمرِ باتِّباعه على كونِه مُنَزَّلًا من الله، وكونِه مباركًا، ظاهر: لأنَّ ما كان كذلك لا يَتردَّدُ أحد في اتِّباعه. ومعنى: ﴿ اتَّقُوا ﴾ كونوا مُتَّصفين بالتَّقوى. وهي الأخذُ بِدِين الحقِّ والعملُ به. وفي قوله: ﴿ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ وَعْدٌ على اتِّباعه، وتعريضٌ بالوعيد بعذاب الدُّنيا والآخرة إن لم يَتَّبعوه» [11].