medicalirishcannabis.info
وقد اختار المغاربة تلاوة القرآن الكريم برواية ورش عن نافع من طريق الأزرق منذ دخولها إلى بلاد المغرب على أيدي الرواد الأولين إلى يومنا هذا. و كان هذا الاختيار كاختيارهم لمذهب الإمام مالك الفقهي. وكأن المغاربة باختيارهم هذا قد جمعوا بين أتباع عالم المدينة المنورة وفقيهها، ومقرئها وإمامها نافع، مقرئ المسجد النبوي. وترجع بعض الدراسات إلى أسباب اختيار المغاربة لقراءة ورش: تسهيل الهمز الذي تتميز به قراءة نافع عن غيرها من القراءات. فقد روي عن الإمام مالك أنه كان يكره القراءة بالنبر (أي بتحقيق الهمز)، باعتبار ما جاء في السيرة من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن لغته الهمز (أي لم يكن يظهر الهمز في الكلمات المهموزة مثل: مومن، ياجوج وماجوج، الذيب. حيث تلتقي قراءة ورش في أصولها مع مقتضيات مذهب مالك، وهو المذهب الرسمي للمملكة. ذلك إلى جانب رغبة المغاربة في الاستقلال في قراءتهم ومذهبهم. العالم الأندلسي غازي بن قيس: إلى جانب أن العالم الأندلسي غازي بن قيس يعد من بين من أسهموا في إدخال قراءة نافع إلى المغرب. وكان بن قيس قد رحل من قرطبة في الأندلس إلى المدينة المنورة فأخذ القراءة عن الإمام نافع ونشرها عند عودته بالمغرب والأندلس في السنة 100 للهجرة.
و لما عاد إلى مصر أسند إليه رئاسة القراء لما تميز به من فصاحة اللسان، قوة اللغة و التجويد مع حسن الصوت. قال عنه يونس بن عبد الأعلى: " كان ورش جيد القراءة حسن الصوت، إذا قرأ يهمز ويمد ويشدد ويبين الإعراب، لا يمل سامعه". كيف انتشرت رواية ورش عن نافع في المغرب؟ تنسب هذه القراءة إلى عثمان بن سعيد المصري الذي لقبه أستاذه نافع بالمدينة المنورة باسم ورش لشدة بياضه. وقد كان الإمام ورش كما قلنا سابقا مقرئا في مصر، ثم رحل إلى المدينة المنورة ليقرأ على يد أستاذه نافع المدني الذي أخذ بدوره القرآن عن سبعين تابعيها. وقد شهد الإمام مالك بن أنس لإمامين من أئمة القراء بالمدينة المنورة في عهده بالقراءات وزكاهما وهما الإمام نافع والإمام أبو جعفر. وقد قال مالك عن قراءة نافع: قراءة أهل المدينة سنة، قيل له: قراءة نافع؟ قال نعم. وعندما سئل الإمام مالك عن حكم الجهر بالبسملة أثناء الصلاة قال: سلوا نافعا فكل علم يسأل عنه أهله، ونافع إمام الناس في القراءة. لما تلقى الإمام ورش القراءة عن نافع في المدينة المنورة رجع إلى مصر وانتهت إليه رئاسة الإقراء بها. إذ تلقى عنه عندما كان بالمدينة وعندما ارتحل إلى مصر تتلمذ على يده الكثيرون وانتشرت قراءته في باقي الأقطار.
لقد أنزل الله تعالى القرآن الكريم على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، كما تكفل سبحانه بحفظه، حيث قال في كتابه العزيز " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " وحرص النبي صلى الله عليه وسلم على حفظ ما أنزل الله عليه، وتكفل الله بأن يحفظه في صدره، وأن يسهل عليه أداءه على الوجه الذي أنزله الله عليه. لقد أنزل الله تعالى القرآن الكريم على سبعة أحرف، أي أوجه للقراءة، وينبغي التنبيه إلى أن هذه القراءات المتواترة لا تخرج عن وحي الله تعالى الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم بأحرفه السبعة، ولقد أجمعت الأمة على تعدد القراءات، واعتبار المتواتر منها وحيا إلهيا ثابتا، والإختلاف فيها مصدره التلقي عن النبي صلى الله عليه وسلّم، حيث كان إعتماد القراءات على المشافهة، وقد كان المصحف الشريف خالي من النقاط والحركات التي تعين على القراءات الصحيحة. وذهب أهل العلم إلى أن المقصود بسبعة أحرف أي سبع لهجات أو كيفيات للقراءة، وذلك كله من باب التسهيل والتيسير، واختلفت قراءة كل بلد من البلاد بحسب قراءة الصحابة، إذ أرسل النبي صلى الله عليه وسلم لكل بلد صحابيا يعلمهم القرآن وأحكامه. الإختلاف في أوجه القراءات العشر يتفرع إلى سبعة أوجه؛ أولها الإختلاف في الحركات فقط دون التغيير في معنى الكلمة أو صورتها، وثانيا الإختلاف في المعنى دون الصورة، وثالثا الإختلاف في الأحرف وتغير المعنى وبقاء الصورة نفسها، مثل تتلوا، تبلوا ورابعا التغيير في الأحرف والصورة دون المعنى، مثل السراط، الصراط، وخامسا الإختلاف في الصورة والأحرف، مثل يأتل ويتأل، وسادسا الإختلاف في التقديم والتأخيرمثل قاتلوا وقتلوا، وسابعا الزيادة والنقصان مثل وصّى وأوصى.