medicalirishcannabis.info
فإن قلت: كيف استجاز سليمان عليه السلام عمل التصاوير ؟ [ ص: 112] قلت: هذا مما يجوز أن تختلف في الشرائع; لأنه ليس من مقبحات العقل كالظلم والكذب ، وعن أبي العالية: لم يكن اتخاذ الصور إذ ذاك محرما. ويجوز أن يكون غير صور الحيوان كصور الأشجار وغيرها; لأن التمثال كل ما صور على مثل صورة غيره من حيوان وغير حيوان. أو تصور محذوفة الرءوس. وروي أنهم عملوا له أسدين في أسفل كرسيه ، ونسرين فوقه ، فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان له ذراعيهما ، وإذا قعد أظله النسران بأجنحتهما. والجوابي: الحياض الكبار ، قال [من الطويل]: تروح على آل المحلق جفنة كجابية السيح العراقي تفهق لأن الماء يجبى فيها ، أي: يجمع. جعل الفعل لها مجازا وهي من الصفات العالية كالدابة. وقيل: كان يقعد على الجفنة ألف رجل. وقرئ: بحذف الياء اكتفاء بالكسرة. كقوله تعالى: يوم يدع الداع [القمر: 6]. "رسيات " ثابتات على الأثافى لا تنزل عنها لعظمها اعملوا آل داود حكاية ما قيل لآل داود. وانتصب "شكرا " على أنه مفعول له ، أي: اعملوا لله واعبدوه على وجه الشكر لنعمائه. إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة سبأ - قوله تعالى ولقد آتينا داود منا فضلا - الجزء رقم23. وفيه دليل على أن العبادة يجب أن تؤدى على طريق الشكر. أو على الحال ، أي: شاكرين. أو على تقدير اشكروا واشكرا; لأن عملوا فيه معنى اشكروا ، من حيث أن العمل للمنعم شكر له.
وسمى الطيبي هذا الانتقال إلى ذكر داود وسليمان تخلصا ، والوجه أن يسميه استطرادا أو اعتراضا وإن كان طويلا ، فإن الرجوع إلى ذكر أحوال المشركين بعد ما ذكر من قصة داود وسليمان وسبأ يرشد إلى أن إبطال أحوال أهل الشرك هي المقصود من هذه السورة كما سننبه عليه عند قوله تعالى ولقد صدق عليهم إبليس ظنه. وتقدم التعريف بداود عليه السلام عند قوله تعالى وآتينا داود زبورا في سورة النساء وعند قوله ومن ذريته داود في سورة الأنعام. و ( من) في قوله ( منا) ابتدائية متعلقة بـ ( آتينا) ، أي من لدنا ومن عندنا ، وذلك تشريف للفضل الذي أوتيه داود ، كقوله تعالى ( رزقا من لدنا). وتنكير ( فضلا) لتعظيمه وهو فضل النبوءة وفضل الملك ، وفضل العناية بإصلاح الأمة ، وفضل القضاء بالعدل ، وفضل الشجاعة في الحرب ، وفضل سعة النعمة عليه ، وفضل إغنائه عن الناس بما ألهمه من صنع دروع [ ص: 156] الحديد ، وفضل إيتائه الزبور ، وإيتائه حسن الصوت ، وطول العمر في الصلاح ، وغير ذلك. وجملة يا جبال أوبي معه مقول قول محذوف ، وحذف القول استعمال شائع ، وفعل القول المحذوف جملة مستأنفة استئنافا بيانيا لجملة آتينا داود منا فضلا. وفي هذا الأسلوب الذي نظمت عليه الآية من الفخامة وجلالة الخالق وعظم شأن داود مع وفرة المعاني وإيجاز الألفاظ وإفادة معنى المعية بالواو دون ما لو كانت حرف عطف.
أخضع الله تعالى لسليمان جنداً طائعين, و كان منهم الإنس و الجن و الطير و شتى الكائنات, و أخضع سليمان كل إمكانيات مملكته لخدمة التوحيد و عبادة الخالق سبحانه. فأحبه الله و أحبته الكائنات, حتى تلك النملة التي التمست له العذر و حذرت قومها من أن يحطمهم جيش سليمان و هم لا يشعرون. هذا الموقف الذي لامس قلب سليمان فسارع بشكر الله و حمده على ما أعطاه من نعم. و هذا هو الفارق الجوهري بين ملك صالح و جبار طاغية, فالصالح يحكم بالعدل و الحكمة و يعرف للمنعم نعمته و يشكره عليها بينما الجبار الجائر الظالم ما هو إلا كنيف امتلأ جهلاً و تيها بنفسه فلا يرجع أمراً للخالق و لا يعرف للمنعم نعمته.