medicalirishcannabis.info
والحديث الثَّاني حديث معاذ بن جبل - رضِي الله عنْه - وهو عند ابن حبَّان في صحيحِه وصحَّحه الألباني، قال: ((يطلع الله إلى جَميع خلقِه ليلة النِّصْف من شعبان، فيغفِر لجميع خلقه إلاَّ لمشركٍ أو مشاحن)). هذان الحديثان بيَّنهما المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - فمَن أراد أن يفوز بهذا الأجر الكريم وهذا الفضل العظيم، فما عليه إلاَّ أن يحقِّق هذين الشَّرطيْن ويَستفيد من قصَّة الأعرابي، وصبر النبي وحِلْم النبي، وخُلق النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم. أيُّها المسلم: لست مطالبًا - أيُّها الأخ الكريم - في هذه الليلة لا بِقيام ولا بصيام، ولا ذِكْر معيَّن مخصوص، ولا عبادة محدَّدة أو معيَّنة أو مخصوصة، بل تَخصيص هذه لمثل هذه الأمور عملٌ محْدَث لا يَجوز، والسنَّة خير، وخيْر الهدْي هدْي محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم. بل إنَّ الَّذي دلَّنا على فضل هذه اللَّيلة هو رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو أيضًا الَّذي دلَّنا على ما نعمل. أنت مطالب - يا عبد الله ويا أمة الله - مطالبون بتحقيق التَّوحيد، وأن ننقِّي القلوب من الشِّرك وشوائبِه، ومن الحقد والشحناء، نسأل الله أن يُجنِّبنا الشرك وشوائبه. قصة الأصمعي والأعرابي - موضوع. فكان من دعاء النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اللَّهُمَّ إنِّي أعوذ بك أن أُشرك بك شيئًا وأنا أعلم، وأستغْفِرُك لما لا أعلم)).
لا يستطيع أحد أن ينكر أن الأصمعي كان أحد أعظم علماء اللغة في عصره ، وبل ويكاد يكون من الرواد فيها بكل العصور ، لذا حينما يخطئ الأصمعي لابد أن يكون هناك وقفة ، خاصة إذا رده عن الخطأ أعرابي بسيط لا يفقه في اللغة كما يفقه الأصمعي. يُحكى أن الأصمعي كان موجودًا في مجلس يتناقش حول موضوع معين ، وكان دائمًا الأصمعي يحب أن يدلل على كلامه بشواهد من القرآن الكريم والسنة ، وأثناء نقاشه في المجلس أحب الاستشهاد بآية كريمة من القرآن الكريم فقال: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله غفور رحيم. الأعرابي والنبي. وكان من بين الجلوس في المجلس أعرابيًا ، فقال له: يا أصمعي لمن هذا الكلام ؟ فتعجب الأصمعي من السؤال وقال: هذا كلام الله عزوجل ، فقال الأعرابي بثقة: هذا ليس بكلام الله سبحانه وتعالى. فانتشر اللغط بالمجلس ، وثار الحاضرون على الأعرابي الذي تطاول على القرآن الكريم ، وحاول أن ينكر آية واضحة من آياته ، لكن الأصمعي كان رجلًا كيسًا فطنًا ، فظل محتفظًا بهدوئه وهو يسأله قائلًا: يا أعرابي هل أنت من حفظة القرآن ؟ فقال الأعرابي: لا ، فتابع الأصمعي كلامه وقال له: حسنًا هل تحفظ سورة المائدة ؟ تلك السورة التي ورد فيها ذكر هذه الآية ؟ فكان جواب الأعرابي أيضًا بالنفي وقال: لا.
2- وإما أن يقطعه فلا يأمن من تنجيس بدنه، أو ثوبه، أو مواضع أخرى من المسجد. فأمر النبي بالكف عنه للمصلحة الراجحة، وهي دفع المفسدتين أو الضررين باحتمال أيسرهما، وتحصيل أعظم المصلحتين بترك أيسرهما ( [11]). وهذا من أعظم الحكم العالية، فقد راعى النبي هذه المصالح، وما يقابلها من المفاسد، ورسم لأمته والدعاة من بعده كيفية الرفق بالجاهل، وتعليمه ما يلزمه من غير تعنيف، ولا سبٍّ ولا إيذاء ولا تشديد، إذا لم يكن ذلك منه عناداً ولا استخفافاً، وقد كان لهذا الاستئلاف والرحمة والرفق الأثر الكبير في حياة هذا الأعرابي وغيره، فقد قال بعد أن فقه – كما تقدم – وفي رواية الإمام أحمد: فقام النبي إليّ بأبي وأمي، فلم يسبّ، ولم يؤنّب، ولم يضرب ( [12]). فقد أثّر هذا الخلق العظيم في حياة الرجل ( [13]). ( [1]) مه: كلمة زجر، وهو اسم مبني على السكون، معناه: اسكت. وقيل: أصلها: ما هذا؟ انظر: شرح النووي، 3/193. ( [2]) لا تزرموه: أي لا تقطعوا عليه بوله. والإزرام: القطع. انظر: المرجع السابق، 3/190. ( [3]) شنه: أي صبه عليه. انظر:المرجع السابق، 3/193. قصة الأعرابي يصحح للأصمعي | قصص. ( [4]) أخرجه مسلم بلفظه في كتاب الطهارة، باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد وأن الأرض تطهر بالماء من غير حاجة إلى حفرها، 1/236، (رقم 285)، والبخاري مع الفتح، بمعناه مختصراً في كتاب الوضوء، باب ترك النبي × والناس الأعرابي حتى فرغ من بوله في المسجد، 1/322، (رقم 219)، وروايات بول الأعرابي في البخاري في عدة مواضع، 1/223، 10/449، 10/525.
فقال الأصمعي: إذًا أخبرني كيف حكمت بأن تلك الآية ليست من كلام الله عزوجل ؟ فقال الأعرابي بثقة مرة أخرى: أنا واثق من أن هذه الكلمات ليست من كلام الله. ومع كثرة اللغط تم إحضار المصحف لحسم الجدال الذي انتشر في المجلس ، وفتح الأصمعي المصحف على سورة المائدة ، وأخذ يبحث عن الآية المنشودة وهو يقول بنبرة الفوز هذه هي الآية. اسمع ، وبدأ الأصمعي بالفعل في قراءة الآية: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّـهِ}. المائدة38. لكنه حينما وصل إلى نهاية الآية وجد أنه قد أخطأ فيها ، فالآية تنتهي بقوله تعالى: (وَاللَّـهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) وليس (غفور رحيم) ، وهنا أعجب الأصمعي بنباهة الأعرابي وفطنته ، حيث استطاع معرفة الخطأ في تلك الآية دون أن يكون من حفظة القرآن الكريم. وبلغ الفضول من الأصمعي مبلغه ، فقال: يا أعرابي بالله عليك أخبرني كيف عرفت ؟ فقال الأعرابي: يا أصمعي عز فحكم فقطع ولو غفر ورحم لما قطع. لقد لاحظ الأعرابي بفطرته التي خلقه الله عليها ، أن الآية تتحدث عن حُكم شديد وواضح من أحكام الإسلام ، وهو قطع يد السارق تخويفًا لغيره من إتيان نفس الفعل ودرءا للمفاسد ، فلم يكن من المعقول أن تنتهي الآية بكلمة غفور رحيم بعد تطبيق الحد ، لأن هذا المكان لا يرسخ للمغفرة بل لتطبيق الحد.
قل لأخيك الأعرابي لا يحاسبنا ولا نحاسبه ، فإنه رفيقك في الجنة. فما أصل هذا الحديث، وما مدى صحته إن الحديث المذكور يصلح مثالاً للأحاديث التي تظهر فيها علامات الوضع والكذب ، وفيه من ركاكة اللفظ ، وضعف التركيب ، وسمج الأوصاف ، ولا يَشُكُّ من له معرفة بالسنة النبوية وما لها من الجلالة والجزالة أنه لا يمكن أن يكون حديثاً صحيحاً ثابتاً عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ولم أجده بهذا اللفظ، وليت أن السائل يخبرنا بالمصدر الذي وجد فيه هذا الحديث ليتسنى لنا تحذير الناس منه. على أن أبا حامد الغزالي – على عادته رحمه الله – قد أورد حديثاً باطلاً في (إحياء علوم الدين 4/130) قريباً من مضمونه من الحديث المسؤول عنه، وفيه أن أعرابياً قال لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – يا رسول الله من يلي حساب الخلق يوم القيامة؟ فقال - صلى الله عليه وسلم-: الله - تبارك وتعالى-، قال: هو بنفسه؟ قال: نعم، فتبسم الأعرابي، فقال - صلى الله عليه وسلم-: ممَّ ضحكت يا أعرابي؟ قال: إن الكريم إذا قدر عفا، وإذا حاسب سامح.. إلى آخر الحديث. وقد قال العراقي عن هذا الحديث:"لم أجد له أصلاً"، وذكره السبكي ضمن الأحاديث التي لم يجد لها إسناداً (تخريج أحاديث الإحياء: رقم 3466، وطبقات الشافعيـة الكبرى: 6/364)، ومع ذلك فالنصوص الدالة على سعة رحمة الله –تعالى- وعظيم عفوه -عز وجل-، وقبوله لتوبة التائبين، واستجابته لاستغفار المستغفرين كثيرة في الكتاب وصحيح السنة.