medicalirishcannabis.info
وأما { الْأَبْرَارِ} وهم الذين برت قلوبهم بما فيها من محبة الله ومعرفته، والأخلاق الجميلة، فبرت جوارحهم ، واستعملوها بأعمال البر أخبر أنهم { يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ} أي: شراب لذيذ من خمر قد مزج بكافور أي: خلط به ليبرده ويكسر حدته، وهذا الكافور [في غاية اللذة] قد سلم من كل مكدر ومنغص، موجود في كافور الدنيا، فإن الآفة الموجودة في الأسماء التي ذكر الله أنها في الجنة وهي في الدنيا تعدم في الآخرة. كما قال تعالى: { فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} { وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} { لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ} { وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ}.
وكانُوا يَجْعَلُونَ الفِلْفِلَ في الخَمْرِ لِحُسْنِ رائِحَتِهِ ولَذْعَةِ حَرارَتِهِ لَذْعَةً لَذِيذَةً في اللِّسانِ، كَما قالَ امْرُؤُ القَيْسِ: ؎صُبِّحْنَ سُلافًا مِن رَحِيقٍ مُفَلْفَلٍ ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونُوا يَمْزِجُونَ الخَمْرَ بِماءٍ فِيهِ الكافُورُ أوْ بِزَيْتِهِ فَيَكُونُ المِزاجُ في الآيَةِ عَلى حَقِيقَتِهِ مِمّا تُمْزَجُ بِهِ الخَمْرُ ولَعَلَّ ذَلِكَ كانَ مِن شَأْنِ أهْلِ التَّرَفِ لِأنَّ الكافُورَ ثَمِينٌ وهو مَعْدُودٌ في العُطُورِ. عينا يشرب بها عباد ه. ومِنَ المُفَسِّرِينَ مَن قالَ: إنَّ كافُورَ اسْمُ عَيْنٍ في الجَنَّةِ لِأجْلِ قَوْلِهِ عَقِبَهُ (﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ﴾) وسَتَعْلَمُ حَقَّ المُرادِ مِنهُ. وإقْحامُ فِعْلِ (كانَ) في جُمْلَةِ الصِّفَةِ بِقَوْلِهِ (﴿كانَ مِزاجُها كافُورًا﴾) لِإفادَةِ أنَّ ذَلِكَ مِزاجُها لا يُفارِقُها إذْ كانَ مُعْتادُ النّاسِ في الدُّنْيا نُدْرَةَ ذَلِكَ المِزاجِ لِغَلاءِ ثَمَنِهِ وقِلَّةِ وِجْدانِهِ. وانْتَصَبَ (عَيْنًا) عَنِ البَدَلِ مِن (كافُورًا) أيْ ذَلِكَ الكافُورُ تَجْرِي بِهِ عَيْنٌ في الجَنَّةِ مِن ماءٍ مَحْلُولٍ فِيهِ أوْ مِن زَيْتِهِ مِثْلَ قَوْلِهِ (﴿وأنْهارٌ مِن لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وأنْهارٌ مِن خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشّارِبِينَ وأنْهارٌ مِن عَسَلٍ مُصَفًّى﴾ [محمد: ١٥]).
وَقَوله: (شربن بِمَاء الْبَحْر ثمَّ ترفعت... مَتى لجج خضر لَهُنَّ نئيج) وَقَوله: (... شرب النزيف بِبرد مَاء الحشرج)... اهـ. والله أعلم.