medicalirishcannabis.info
لكن الملك الذكي عزّ الدين أيبك لم يُستفز مبكرًا.. بل ظل هادئًا يعد عدته في رزانة، ويكثر من مماليكه في صمت. س وج.. عز الدين أيبك يقتل فارس الدين أقطاى.. كيف فعلها؟ - اليوم السابع. ومرت الأيام، وحدث أن تجمعت قوى الأمراء الأيوبيين الشاميين لغزو مصر، وذلك لاسترداد حكم الأيوبيين بها.. وكانت الشام قد خرجت من حكم ملك مصر بعد وفاة توران شاه مباشرة.. والتقى معهم الملك المعز عزّ الدين أيبك بنفسه في موقعة فاصلة عند منطقة تسمى «العباسية» وهي تقع على بعد حوالي عشرين كيلومترًا شرقي الزقازيق الآن، وذلك في العاشر من ذي القعدة سنة 648 هجرية، أي بعد أربعة أشهر فقط من حكمه، وانتصر الملك المعز عزّ الدين أيبك على خصومه انتصارًا كبيرًا، ولا شك أن هذا الانتصار رفع أسهمه عند الشعب المصري، وثبت من أقدامه على العرش[6]. وفي سنة 651 هجرية (بعد 3 سنوات من حكم أيبك) حدث خلاف جديد بين أمراء الشام والملك المعز عز الدين أيبك، ولكن قبل أن تحدث الحرب تدخل الخليفة العباسي المستعصم بالله -وهذه نقطة تحسب له- للإصلاح بين الطرفين، وكان من جراء هذا الصلح أن دخلت فلسطين بكاملها حتى الجليل شمالًا تحت حكم مصر، فكانت هذه إضافة لقوة الملك المعز عز الدين أيبك، ثم حدث تطور خَطِر لصالحه وهو اعتراف الخليفة العباسي بزعامة الملك المعز عزّ الدين أيبك على مصر[7]، والخليفة العباسي وإن كان ضعيفًا، وليست له سلطة فعلية فإن اعترافه يعطي للملك المعز صبغة شرعية مهمَّة.
نستعرض الأسباب التي دفعت الأمير عز الدين أيبك لقتل الأمير فارس الدين أقطاي عندما تولت شجرة الدر حكم مصر دبرت أمرها للزواج من أمير لأجل التنازل عن الحكم ظاهريا وفي الباطن تكون هي الحاكم الفعلي، وحتى تضمن ولاء المماليك القوة الأولى في مصر، قررت أن تختار رجلا منهم. ومن ثَمَّ اختارت رجلًا من المماليك اشتهر بينهم بالبعد عن الخلافات، والهدوء النسبي، فكان هذا الرجل هو عزّ الدين أيبك التركماني الصالحي.. وهو من المماليك الصالحية البحرية.. أي من مماليك زوجها الراحل الملك الصالح نجم الدين أيوب.. ولم تختر شجرة الدرّ رجلًا من المماليك الأقوياء أمثال فارس الدين أقطاي أو ركن الدين بيبرس؛ وذلك لتتمكن من الحكم بلا منازع. لكن يبدو أن ذكاء شجرة الدرّ قد خانها عند اختيار ذلك الرجل؛ فالملك المعز عزّ الدين أيبك لم يكن بالضعف الذي تخيلته شجرة الدرّ ولا المماليك البحرية، فقد أدرك الملك الجديد من أول لحظة أهداف الملكة المتنازلة عن العرش، وعرف خطورة المماليك البحرية، فبدأ يرتب أوراقه في حذر شديد. كان الملك المعز عزّ الدين أيبك من الذكاء بحيث إنه لم يصطدم بشجرة الدرّ ولا بزعماء المماليك البحرية في أول أمره.. من أيبك إلى قطز.. حزم بعد نزاع –التاريخ الإسلامي– قصة دولة المماليك| قصة الإسلام. بل بدأ يقوي من شأنه، ويعد عدته تدريجيًا.
المماليك تنازلت شجر الدر عن العرش له، وذلك بعد أن تزوجّت به، وقبل أن يعقد عليها اشترطت على أن يطلق زوجته ويتخلى عن ولده المنصور علي، وقبل الشعب في مصر بالوضع الجديد، واستقر الوضع نسبيًا، ويعتبر عزالدين أيبك أول حاكم مملوكي في مصر، وإن كان بعض المؤرخين يعتبر أن شجرالدرّ هي أُولى المماليك في حكم مصر، لأنها أصلًا مملوكة أو جارية، وبدأت شجرالدرّ تحكم من وراء الستار كما أرادت، وهي مؤيدة بالمماليك القوية، وخاصة فارس الدين أقطاي وركن الدين بيبرس.
[17] [30] تآمر أيبك مع قطز والمماليك المعزية على اغتيال فارس الدين أقطاي والقضاء على مماليكه فقام أيبك بدعوة أقطاي إلى قلعة الجبل لأخذ مشورته في أمر ما واغتاله. [31] [32] في بادئ الأمر ظنت مماليك أقطاي أن أيبك قد حجز زعيمهم في القلعة فلما تجمعوا عندها للمطالبة بالإفراج عنه ألقيت إليهم رأسه فأُصيبوا بالفزع وأيقنوا أن أيبك قد عزم على القضاء عليهم ففروا من مصر أثناء الليل. [33] وهربت جماعة منهم إلى سلطنة الروم السلاجقة وآخرى إلى الكرك وثالثة إلى سوريا. [34] وكان من بين تلك الجماعة الأخيرة بيبرس البندقداري وقلاوون الألفي وسنقر الأشقر. [31] [35] ولاحق أيبك البحرية الفارّين فصادر أموالهم وممتلكاتهم واسترد مدينة الإسكندرية التي كان أقطاي قد اقتطعها لنفسه من خاص السلطنة في عام 1252 وأعاد للناصر البلاد التي كان قد اقتطعها للبحرية بالساحل من قبل. [36] وأرسل إلى حكام المناطق التي فروا إليها يحذرهم منهم ويحرضهم عليهم. أما البحرية الذين لم يتمكنوا من الفرار من مصر فقد قام أيبك بالقبض عليهم وأعدم بعضهم ونودي في مصر بتهديد من أخفى أحدا من البحرية. أما المماليك البحرية فقد أعلنوا ولائهم للملك الناصر يوسف في دمشق بسوريا بأنهم قد وصلوا إلى خدمته فسمح لهم بدخول مملكته وخرج إلى لقائهم وأكرمهم وأنعم عليهم.
[6] بدر الدين العيني: عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان 1/40، 41. [7] ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة 7/12. [8] قاسم عبده قاسم: السلطان المظفر قطز 74. [9] أبو دقماق صارم الدين: نزهة الأنام في تاريخ الإسلام ص412.