medicalirishcannabis.info
معاشر أمة الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم هذه وصايا عظيمة جليلة نافعة أوصى بها جبريل عليه السلام محمدا صلى االله عليه وسلم فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزيّ به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزَّه استغناؤُه عن الناس. فنسأل الله رب العظيم رب العرش العظيم أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
الله أكبر.. الله يحدثنا عن أطوار الخلق والإيجاد وفي غمضة عينٍ، ولمحة بصرٍ ينتقل الحديث عن الموت ونهاية الحياة. هكذا بلا مقدمات ذهبت الحياة الدنيا وشهواتها ومتاعها ( ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ)[المؤمنون: ١٥]؛ ( ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ)[المؤمنون: ١٥]؛ والله -يا قوم- إننا بين يدي آية تهز القلوب هزّاً، ربَّاه أي ساعة أعظم من هذه الساعة؟ إنني أذكر نفسي وإخواني بآية الموت العجيبة، وأجد في نفسي رهبةً وخوفاً. لقد وقفت على هذا المنبر أكثر من عشرين عاماً، فلم أجد حديثاً تخشاه الناس وتنقاد إليه كالحديث عن الموت؛ فالجميع يستسلم للموت، كلنا في لحظة الموت ترتخي أعضاؤنا، وتشخص أبصارنا، وطويت حياتنا، وانتهى كل شيء؛ فلا يذكر العبد عندها إلا ما قدمت يداه. عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ | موقع تفريغات العلامة رسلان. يا كرام: إن هيبةَ الموت عظيمة، ومصابَ الموت أليم؛ فالعظماء والأمراء والملوك والأطباء والأقوياء والضعفاء لا يخشون أمراً أعظم من الموت؛ فكلهم يستسلمون للموت. وهذهِ الدارُ لا تُبْقي على أحدٍ *** ولا يدومُ على حالٍ لها شانُ أينَ المُلوكُ ذوو التيجانِ من يَمنٍ *** وأينَ مِنْهُمْ أكَالِيلٌ وتِيجانُ وأينَ ما شَادَهُ شَدَّادُ في إرمٍ *** وأين ما سَاسَه في الفرس ساسانُ وأينَ ما حازَهُ قَارُونُ من ذَهَبٍ *** وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ أتى على الكلِّ أمرٌ لا مَرَدَّ له *** حتى قضوا فكأنَّ القومَ ما كانوا يا كرام: بالله عليكم، كم خلق الله من الخلق؟!
فينبغي للمؤمن أن يكون على استعداد للقاء ربه ولا يغتر بالحياة الدنيا، قال تعالى: ﴿ مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [العنكبوت: 5]. وقال تعالى: ﴿ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ [لقمان: 33]. وقوله: "وأحبب من شئت فإنك مفارقه" أي أحبب من شئت من زوجة أو أولاد، ومال ومنصب، وجاه، وغيرها، من متاع الحياة الدنيا فإنك عما قريب ستفارقها. لوّن قلبك: عش ما شئت فإنك ميت. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه – أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يتبع الميت ثلاثة، فيرجع اثنان، ويبقى معه واحد، ينبعه أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله، ويبقى عمله" [4]. ومن فوائد الجملة السابقة: الاستعداد لفراق الأحبة، حتى إذا وقع يكون المؤمن قد تأهب لذلك فيخف وقعه عليه. ومنها: أن يهتم المؤمن للرفيق الذي لا يفارقه في الدنيا والآخرة وهو عمله الصالح. قوله: "واعمل ما شئت فإنك مجزي به"، قال تعالى: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7، 8].
وروى الطبراني في معجمه الكبير من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "استغنوا عن الناس ولو بشوص السواك" [7]. قال الشاعر: لا تسألن بني آدم حاجة وسل الذي أبوابه لا تحجب الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب وقال عمر - رضي الله عنه -: إن الطمع فقر، وإن اليأس غنى، إنه من ييأس عما في أيدي الناس استغنى عنهم [8]. وكان محمد بن واسع يبل الخبز اليابس بالماء ويأكل، ويقول: من قنع بهذا لم يحتج إلى أحد [9]. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين [1] مستدرك الحاكم (5/ 463) برقم (7991)، وقال المنذري في كتابه "الترغيب والترهيب" (1/ 485): رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن، وصححه الشيخ الألباني - رحمه الله - في صحيح الجامع الصغير برقم (73). [2] أي ضربه والمفهوم من الحديث أنه ضربه على عينه فأخرجها. [3] صحيح البخاري برقم (1339)، وصحيح مسلم برقم (2372). عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه. [4] صحيح البخاري برقم (6514)، وصحيح مسلم برقم (2960). [5] سنن الترمذي برقم (3549) وقال: هذا أصح من حديث أبي إدريس عن بلال، وصححه الألباني في إرواء الغليل (2/ 199-202) برقم (452).
روى الترمذي في سننه من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم " [5]. وقوله: " وعزه استغناؤه عن الناس "، العزة مطلب لكل نفس أبية، وإن من أعظم أسباب نيل العزة: التعلق بمن العزة بيده سبحانه، وترك التعلق بمن دونه ممن لا يزيد التتعلق بهم إلا ذلًا وهوانًا. قال تعالى: ( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) [المنافقون: 8]. وقال تعالى: ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا) [ فاطر: 10]. وقال تعالى: ( بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) [النساء: 138، 139]. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أن ناسًا من الأنصار سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم حتى نفد ما عنده، فقال: ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرًا وأوسع من الصبر " [6].