medicalirishcannabis.info
يبدو أن مسار الحل السياسي في سوريا، بدأ يواجه خطر النسيان على الصعيد الدولي، وذلك تزامنا مع الفشل المستمر لمسار اللجنة الدستورية السورية. سبع جولات عقدتها اللجنة، لم تحقق حتى الآن أي من أهدافها المعلنة، فظهرت العديد من الخلافات بين الوفود المشاركة في اللجنة، التي وقفت عاجزة أمام تحقيق أي خطوة من شأنها دعم الحل السياسي في البلاد. سوريا منسيّة؟ بالتزامن مع نية المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن عقد جولة ثامنة، حذرت مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة، جويس ميسويا، خلال إحاطتها في مجلس الأمن، من تحول الأزمة السورية لأزمة منسية في الوقت الذي يكافح فيه ملايين السوريين لتوفير الاحتياجات الأساسية لأطفالهم. وأشارت ميسويا الأربعاء إلى أن الأوضاع الإنسانية في سوريا لم تكن بهذا المستوى من السوء منذ اندلاع النزاع. وقالت: "تحققت المفوضية السامية للاجئين، في شهري شباط وآذار من مقتل 92 مدنيا من بينهم أكثر من عشرين طفلا". قد يهمك: روسيا تتخلى عن نفوذها في سوريا بعد مأزق أوكرانيا؟ من جانبه أعلن غير بيدرسن، نيته تنظيم جولة أخرى لاجتماعات اللجنة الدستورية، أواخر شهر أيار/مايو القادم مشددا على ضرورة "تحقيق تقدم في هذا الملف في الوقت الذي تعلن فيه الأطراف عن الحاجة لإحراز تقدم فيه".
ويذكر أن عملية تشكيل هذه اللجنة تعثرت منذ الإعلان عنها في لقاء جمع بعض الأطراف السورية في منتجع سوتشي الروسي في يناير/كانون الثاني 2018. وأبرز أسباب الخلاف تمثلت برفض السلطات السورية لعدد من الأسماء التي اقترحها مبعوث الأمم المتحدة السابق ستافان دي ميستورا. ولا تضم اللجنة ممثلين عن الإدارة الذاتية الكردية في شمال سوريا وشمال شرقها، والتي اعتبرت في بيان الاثنين "إقصاءها" عن اللجنة "إجراء غير عادل". وتسيطر الإدارة الذاتية التي أعلنها الأكراد قبل سنوات على مناطق واسعة في شمال وشمال شرق سوريا. وبالإضافة إلى تشكيلة اللجنة الدستورية، فإن الخلاف بين المعارضة والنظام تركز أيضا حول آلية عملها وتوزع المسؤوليات بين أعضائها. وفي حين طالبت المعارضة بصوغ دستور جديد لسوريا، أكدت دمشق أن أقصى ما تقبل به هو تعديل الدستور الحالي. ويواجه بيدرسون، الدبلوماسي المخضرم الذي تولى مهامه في يناير/كانون الثاني، مهمة صعبة تتمثل بإحياء المفاوضات بين الحكومة والمعارضة السوريتين في الأمم المتحدة، بعدما اصطدمت كل الجولات السابقة بمطالب متناقضة من طرفي النزاع. فرانس24/ أ ف ب
ويعتبر بيدرسن أن آلية عمل اللجنة وطريقة اتخاذ القرار فيها جزء من التفاوض غير المباشر الذي يقوده بين المعارضة والنظام، معتبرا أن اللجنة الدستورية والسلال الأربع للقرار الأممي 2254 هي جزء من حل سياسي يعمل على تحقيق بنوده بصورة متوازية. نقاط الخلاف الأسماء الستة: هي أسماء تشكل نقطة الخلاف الرئيسية بين الطرفين، وهي ضمن قائمة الأمم المتحدة للشخصيات المستقلة، حيث يحق لكل طرف ترشيح أسماء مستقلة للأمم المتحدة، وهي تختار الأسماء النهائية لهذه القائمة، وهي من نقاط الخلاف بين المعارضة والنظام. آلية العمل والتصويت: النظام يريد أن تتخذ قرارات اللجنة كتوصيات يتم تمريرها والموافقة عليها من قبل مجلس الشعب السوري الحالي. المعارضة تريد أن تكون قرارات اللجنة نافذة وملزمة للأطراف بحيث يتم اعتمادها أمميا كمسودة لدستور جديد للبلاد. نقاط التوافق: عدد أعضاء اللجنة: النظام والمعارضة متفقان على تشكيل اللجنة من 150 عضوا، 50 من النظام و50 من المعارضة و50 قائمة مستقلة. رئاسة اللجنة: النظام والمعارضة متفقان على أن تكون رئاسة اللجنة مشتركة، رئيس من المعارضة ورئيس من النظام، وأن تتخذ القرارات بأغلبية لم تحدد بعد. الموقف الدولي الدول الضامنة لمسار أستانا: وفق ما صرح به قادة الدول الضامنة لمسار أستانا (تركيا وإيران وروسيا)، فإن التفاهم حول الأسماء المشكلة للجنة الدستورية تم بصورة نهائية، وإن انطلاق أعمال اللجنة أصبح قريبا جدا.
واعتبر بيدرسن، أن "سوريا تعيش صراعا متأججا وليس خامدا"، وأضاف أمام مجلس الأمن: "شهدنا قصفا جويا في الشمال الغربي وصدامات مكثفة حول عفرين والشمال الشرقي، في ظل تبادل إطلاق النار بالقذائف والقصف على طول حدود التماس، بالإضافة إلى العبوات الناسفة والسيارات المفخخة". ويرى المحلل السياسي السوري فراس علاوي، أن بيدرسن يواصل محاولاته إحياء اللجنة الدستورية التي تعتبر ميتة أصلا، وذلك لمنافع شخصية، فبيدرسن لا يتوقع أي تطور في عمل اللجنة الدستورية، ولا يتوقع أي استجابة من دمشق لما يريد، بحسب علاوي. ويقول علاوي في حديثه لـ"الحل نت": "بيدرسن يريد فقط نفخ الحياة في عمل اللجنة، لأن حقيقة وجوده كوسيط للأمم المتحدة، بات يتوقف فقط على أمل استمرار اللجنة الدستورية، جميع الملفات الأخرى متوقفة، فإذا توقف عمل اللجنة الدستورية لن يبقى للمبعوث الأممي أي عمل". ويضيف "أعتقد بأن بيدرسن بحث عن مجد شخصي من خلال الملف السوري ولم يجده، والآن يريد تجنب الفشل، لذلك هو يريد استمرار العملية السياسية من دافع شخصي فقط، وليس من دافع الحرص على السوريين، لأنه يدرك تماما أن اللجنة الدستورية لن تفرز أي حل سياسي وهو ذكرها سابقا".
"على سبيل المثال، شهدنا مجددا هذا الشهر قصفا على سوريا يعزى لإسرائيل، وهجمات بالطائرات المسيرة في الشمال الشرقي تعزى لتركيا، وغارات جوية في إدلب وفي شرقي الفرات تعزى لروسيا، وتقارير تفيد بإطلاق صواريخ على القوات الأمريكية في دير الزور تعزى لمجموعات تدعمها إيران. " وأعرب المبعوث الخاص عن قلقه من أن أيا من هذه البؤر قد تزداد خطرا بسبب التوترات الجيوسياسية خارج سوريا. وأضاف أن الإرهاب يظل يشكل تهديدا كبيرا. وقال غير بيدرسون إن سوريا لا تزال من بين أكبر الأزمات الإنسانية في عصرنا. "يجب أن نشعر بالفزع حيال ما يعنيه هذا بالنسبة للمدنيين السوريين، الذين لا يزالون يتعرضون للقتل بسبب العنف، والذين وصلت معاناتهم الإنسانية إلى أعلى مستوياتها منذ بدء النزاع. تأكيد على ضرورة حماية المدنيين بدورها، حذرت السيدة جويس مسويا مساعِدة الأمين العام للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ من أن سوريا على شفير أن تتحول لأزمة منسية تضاف إلى قائمة الأزمات المنسية الأخرى. وقالت إن ملايين السوريين يعانون شهريا في سبيل البقاء على قيد الحياة ولإطعام عائلاتهم ولتوفير مستقبل لأطفالهم. وأضافت: "يتواصل القتال في مناطق عديدة ويقتل ويصاب الأطفال والنساء والمدنيون بشكل عام. "
بناء الثقة مع هذا النموذج غير ممكن بالحوار، فهو بحاجة إلى ضبط ومحاكمة ومواجهة قانون، وليس لجنة حوار عن الدستور وشكل وجه سورية الجديد، فهذا النوع من الجرائم لا يمكن التغاضي عنه ولا يسقط بالتقادم، بل تبقى هذه الجرائم طازجةً على الدوام، ويبقى ضحاياها في عداد المظلومين، إلى أن يحاكم قاتلهم، بدل الجلوس والتحادُث معه عن بناء ثقة منشودة. لا يشكل اكتشاف مجزرة جديدة يُقتل فيها الناس ببرود مفاجأة أو اختراقاً، على الرغم من أنّه يدعم ملفاً حقوقياً مثقلاً، فالنظام احتل موقعه في السلطة كل هذه المدة بالعقلية ذاتها التي قتل بها المسلح المدنيين المقيدين، وهو ليس مستعدّاً لأن يتقاسم سلطته مع أحد، ويدير ملفّ المعارضة بهذه العقلية. لذلك تبدو الاستجابة لدعوات بيدرسون في الجلوس مرة ثامنة للحديث عن دستور جديد نوعاً من التراجيديا الكئيبة معروفة النتيجة، فالاستحقاق قانوني في المرحلة الأولى وملحّ، وبناء الثقة الذي تحدث عنه بيدرسون يبدأ مباشرةً بعد نطق الأحكام بحقّ المجرمين من محكمة عادلة.