medicalirishcannabis.info
اهتمام الأمويين بالسند باكستان القديمة ضمن الدولة الأموية وكان محمد بن القاسم يسمع كثيرًا عن بلاد السند، ولم تكن تلك البلاد في ذلك الحين غريبة على المسلمين، فقد كان لهم فيها سابقة من غزوات في عهد الخليفة عمر والخليفة عثمان رضي الله عنهما، ثم زاد اهتمام العرب ببلاد السند حين قامت الدولة الأموية على يد الخليفة معاوية في سنة 40هـ حتى نجح في فتح إقليم مهم بتلك البلاد وهو (إقليم مكران) الذي كان يحكمها الولاة الأمويون بعد ذلك بصفة مستمرة. ثم حدث في سنة 88هـ أن سفينة عربية كانت قادمة من جزيرة الياقوت (بلاد سيلان) عليها نساء مسلمات، وقد مات آباؤهنَّ ولم يبق لهنَّ راعٍ هناك، فقررن السفر للإقامة في العراق، ورأى ملك سيلان في ذلك فرصة للتقرب إلى العرب فوافق على سفرهنَّ، بل حمل السفينة بهدايا إلى الحجاج والخليفة الوليد بن عبد الملك، وبينما كانت السفينة في طريقها إلى البصرة مارة بميناء الديبل ببلاد السند، خرج قراصنة من السند واستولوا عليها. وعندئذ كتب الحجاج إلى ملك السند يطلب منه الإفراج عن النساء المسلمات والسفينة، ولكنه اعتذر عن ذلك بحجة أن الذين خطفوا السفينة لصوص لا يقدر عليهم، فبعث الحجاج حملتين على الديبل، الأولى بقيادة عبيد الله بن نبهان السلمي ، والثانية بقيادة بديل البجلي، ولكن الحملتين فشلتا، بل قتل القائدان على يد جنود السند.
بيئة الأبطال كانت دولة بنى أمية معنية أشد الاعتناء بنشر الإسلام في ربوع المعمورة، لذلك كان سوق الجهاد قائمة في بنى أمية ليس لهم شغل إلا ذلك، فعلت كلمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها وبرها وبحرها وقد أذلوا الكفر وأهله، وامتلأت قلوب المشركين من المسلمين رعباً فلا يتوجه المسلمون إلى بلد إلا أخذوه، ولم تنكسر لهم راية أو يديل عليهم عدو أو يخرج من أيديهم بلد فتحوه، وفى ظل هذه البيئة الجهادية ظهر بطلنا المقدام محمد بن القاسم. حياته ولد محمد بن القاسم الثقفي سنة 72هـ بمدينة الطائف في أسرة معروفة، فقد كان جده محمد بن الحكم من كبار الثقفيين. وفي سنة 75هـ صار الحجاج بن يوسف الثقفي والياً عامًّا على العراق والولايات الشرقية التابعة للدولة الأموية في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان. فعيَّن الحجاج عمَّه القاسم واليًّا على مدينة البصرة ، فانتقل الطفل محمد بن القاسم إلى البصرة، حيث يحكمها والده، ثم بنى الحجاج مدينة واسط التي صارت معسكرًا لجنده الذين يعتمد عليهم في الحروب، وامتلأت بسكانها الجدد وقوم الحجاج، وفي هذه المدينة وغيرها من العراق نشأ وترعرع محمد بن القاسم وتدرب على الجندية، حتى أصبح من القادة المعروفين وهو لم يتجاوز بعد 17 عامًا من العمر.
ووصلت الأخبار إلى الحجاج أن النساء المسلمات والجنود العرب مسجونين في سجن الديبل، ولا يريد ملك السند الإفراج عنهم عنادًا للعرب، وهنا كانت الأسباب تلح على الحجاج في إرسال جيش كبير لفتح تلك البلاد التي كان قراصنتها يضايقون السفن العربية التجارية المارة بين موانئ البلاد العربية وموانئ بلاد الهند. معالم البطولة عندما تولى 'محمد بن القاسم' قيادة الحملة الجهادية المتجه إلى بلاد السند اشترط على 'الحجاج بن يوسف الثقفى' عدة شروط تبرهن على مدى الكفاءة القيادية والقتالية لمحمد بن القاسم منها: 1. أن يكون الجيش كامل التجهيز والإعداد والمؤن حتى لا تتوقف سيرة الفتح، فأمده الحجاج بجيش يقدر بستة آلاف مقاتل مجهزين بكل شىء حتى المسال والإبر والخيوط. 2. أن يرافق الجيش البرى أسطول بحرى ليكون الهجوم مزدوجاً وفى إتجاهين، ووافق الحجاج. 3. أن يواصل الجهاد والسير حتى ينتهى من فتح بلاد السند كلها، ووافق الحجاج. الحملة وبالفعل قرر الحجاج فتح بلاد السند كلها، وقد وقع اختياره على محمد بن القاسم الثقفي ليقود الجيش العربي، وجهزه بكل ما يحتاج إليه في ميدان القتال. وتحرك البطل محمد بن القاسم بجيشه المكون من ستة آلاف مقاتل من العراق إلى شيراز في سنة 90هـ، وهناك انضم إليه ستة آلاف من الجند، وبعد ذلك اتجه نحو بلاد السند، فبدأ بفتح مدينة بعد مدينة لمدة سنتين، حتى التقى الجيش العربي بقيادته مع الجيش السندي بقيادة الملك داهر، في معركة دامية مصيرية سنة 92هـ، وكان النصر للحق على الباطل، فقد انتصر المسلمون على المشركين، وقتل ملك السند في الميدان، وسقطت العاصمة السندية في أيدي العرب.