medicalirishcannabis.info
معاناة الإمام عليه السلام: لقد عانى الإمام العسكري عليه السلام، مع أبيه الهادي الكثير، وقضى معظم حياته، في ظل عاصمة الدولة العباسية، وواكب الأحداث، وجميع الظروف والملابسات، والمواقف التي واجهت أباه، وقد تسلم منصب الإمامة بعد استشهاد أبيه، وعمره الشريف آنذاك إثنان وعشرون عاماً. شبكة المعارف الإسلامية :: الإمام الحسن العسكري(ع)-سيرته المختصرة. مسيرة الإمام عليه السلام وظروف عصره: كان الإمام عليه السلام إمتداداً لدور الإمام الهادي، وإكمالاً لمواقفه بوصفه المرجع الفكري، والروحي لجميع المسلمين المتعطشين للعلم والثقافة، ومعبئاً لأصحابه وأصحاب أبيه، وراعياً لمصالحهم الإجتماعية وكل ما يحتاجونه، إضافة إلى التخطيط والتمهيد، لغيبة ولده الحجة ابن الحسن عليه السلام ، لعلمه المسبق بعدم إمكان إظهار أمره ولزوم وجوب ستر خبره عن الناس أجمـع، إلا من اختارهم سبحانه حفظةً لسره. أدوار الإمام عليه السلام: يمكن إستخلاص دور الإمام في مواجهة الأحداث كالتالي: الدور الأول: بما أن الحكام حرصوا على دمج الإمامة والأئمة في الجهاز الحاكم، نرى الإمام وبعقله الكامل يقف من هذه الأحداث، موقفاً لا هو سلبي كي لا يلفت النظر إليه، ولا بالإيجابي كي لا يوقع أصحابه ومؤيديه بالغرر. ولكن أظهر للناس عدم الرضا بكل الأحداث التي كانت تصدر من الحكومة الظالمة اتجاه الثورات، كما فعل مع صاحب ثورة الزنج، الذي زعم الإنتساب إلى الإمام، وفي واقعه لم تكن ثورته تجسيداً لأطروحة أهل البيت عليهم السلام، لما ارتكبته من قتل، وسلب، وتدمير، وإحراق للبيوت والمدن، وسبي للنساء، بل سكت كي لا يسجّل رضاً للحكومة، أو رضاً بمسلكية الإنحراف في تلك الثورة.
وقال أحمد بن عبيد الله بن خاقان: «مَا رَأَيْتُ وَلَا عَرَفْتُ بِسُرَّ مَنْ رَأَى رَجُلاً مِنَ الْعَلَوِيَّةِ مِثْلَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الرِّضَا فِي هَدْيِهِ وَسُكُونِهِ وَعَفَافِهِ وَنُبْلِهِ وَكَرَمِهِ عِنْدَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَبَنِي هَاشِمٍ، وَتَقْدِيمِهِمْ إِيَّاهُ عَلَى ذَوِي السِّنِّ مِنْهُمْ وَالْخَطَرِ، وَكَذَلِكَ الْقُوَّادِ وَالْوُزَرَاءِ وَعَامَّةِ النَّاس»(3). عبادته(ع) إنّ أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) هم القدوة والأُسوة في عبادتهم لله وإخلاصهم له تعالى، والتعلّق به دون غيره، وروي أنّ الإمام العسكري(ع) عندما أُودع في السجن وكّل به رجلان من الأشرار بقصد إيذائه، فتأثّرا به وأصبحا من الفضلاء، فقيل لهما: «وَيْحَكُمَا مَا شَأْنُكُمَا فِي أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ؟ فَقَالا لَهُ: مَا نَقُولُ فِي رَجُلٍ يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ كُلَّهُ، لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَتَشَاغَلُ بِغَيْرِ الْعِبَادَةِ، فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْنَا ارْتَعَدَتْ فَرَائِصُنَا، وَدَاخَلَنَا مَا لَا نَمْلِكُهُ مِنْ أَنْفُسِنَا»(4). من كراماته(ع) قال علي بن الحسن بن سابور: «قُحِطَ النَّاسُ بِسُرَّ مَنْ رَأَى فِي زَمَنِ الْحَسَنِ الْأَخِيرِ(ع)، فَأَمَرَ المُتَوَكِّلِ الْحَاجِبَ وَأَهْلَ المَمْلَكَةِ أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ.
والمجتمع منحرفٌ، والأواصر الاجتماعية مفككةٌ، والمستوى الفكري والروحي متدني، وبالتالي يحتاج إلى منقذ، والمصلحة والإرادة الإلهية متعلقة بالغيبة. إذن: لا بد من تمهيد لهذه الغيبة رغم الإرهاصات المسبقة، والنصوص المتواترة التي جاءت تبشر بالمهدي عند الخاصة والعامة حتى أصبحت فكرة المهدي مستقرة في أذهان الأمة أجمع، وتأصلت في نفوس المسلمين بشكل عام. إتجه الإمام تمهيداً لغيبة ولده إلى عملين ممهدين: 1ـ قام بحجب الإمام عن أعين الناس، ومن ثم قام بإظهاره عليه السلام لبعض الخاصة فقط. 2ـ شن حملة توعية لفكرة الغيبة، وتعويد الناس على متطلباتها 7. تبليغ سورة براءة. تمثلت حملة الإمام العسكري عليه السلام بالشكل التالي: أ ـ شن حملة على الأوضاع المتردية، بتوجيه النقد السياسي للأوضاع القائمة، فمن ذلك، قوله: إذا خرج القائم أمر بهدم المنابر والمقاصر في المساجد 8. ب ـ التعرض لصفات الإمام المهدي بعد ظهوره، وقيام دولته وأنه المنقذ والمخلّص، كقوله: فإذا قام قضى بين الناس بعلمه، كقضاء داود لا يسأل البينة 9. ج ـ تـوجيه عـام لقواعده وأصحابه، يـوضّح لهم أبعاد فكرة الغيبة، فمن ذلك: كتب الإمام لابن بابويه رسالة يقول فيها: عليك بالصبر وانتظار الفرج قال النبي '.. إلخ 10.
وأسلوبه هذا أكسبه أمام الحكّام إحتراماً ومنزلة رفيعة، وعند الناس منزلةً مرموقة لحكمته. الدور الثاني: مواجهة شبهات المنحرفين، وعقائدهم المضللة، ومن هنا جاء موقف الإمام العسكري عليه السلام، وهو في المدينة من مشروع كتاب يضعه الكندي "أبو يوسف يعقوب بن إسحاق"، الفيلسوف العراقي حول متناقضات القرآن، إذ اتصل به عن طريق أحد تلامذته والمنتسبين إليه، وأحبط الإمام المحاولة، وأقنع مدرسة الكندي، بأنها على خطأ، وجعله يتوب ويحرق أوراقه 6. مولد الامام الحسن العسكري بالجنوب. الدور الثالث: أما على صعيد القاعدة الشعبية، والحفاظ عليها وتنمية وعيها، فقد قام بمدها بكل أساليب الصمود والتحمل، فتارةً ينبههم من الوقوع في الشرك العباسي، وأخرى يُحذّر محمد بن السّمري ويلزمه بالصمت والكف عن النشاط، والتكتم ريثما تعود الأمور إلى مجاريها، ويستتب الأمر، وتارةً ثالثة يحذّر أصحابه، وهم رهن الإعتقال في السجون، كما جاء في الخبر: اعتقل عدد من أصحابه عليه السلام، ووضعوا تحت إشراف صالح بن وصيف، وهم: أبو هاشم الجعفري، داود بن القاسم، والحسن بن محمد العقيقي، ومحمد بن ابراهيم العمري، وغيرهم، فأخبرهم الإمام أن يحذروا واحداً في الحبس يدّعي أنه علوي، وهو ليس منهم. الدور الرابع: التمهيد للغيبة: حينما يعلم الإمام إحتياج الأمة إلى مصلح، وإمام عدل وهادٍ، ويدرك كنه الإرادة الإلهية لغياب الحجة إلى حين وقته، يعرف أن عليه مسؤولية التمهيد لذلك، لأن البشر اعتادوا الإدراك والمعرفة الحسية، ومن الصعب التجاوز إلى تفكير أوسع إلا بمعونة.
صفاته: قال أحد المتشرّفين بلقاء الإمام الحسن العسكري عليه السلام: " دخلت سرّ من رأى وأتيت إلى الحسن العسكري عليه السلام فرأيته جالساً على بساط أخضر، ونور جماله يغشى الأبصار، فأمرني بالجلوس فجلست وأنا لا أستطيع النظر إلى وجهه إجلالاً لهيبته ". ويذكر أحد الذين تشرّفوا بخدمته: " إذا نام سيدي أبو محمّد العسكري رأيت النور ساطعاً من رأسه إلى السماء ". عبادته: عبَّر أحد أصحاب الإمام عن عبادته قائلاً: " كان عليه السلام يجلس في المحراب ويسجد، فأنام وانتبه وهو ساجد ". مولد الامام الحسن العسكري بجدة. وروي أنّ العباسيّين أرادوا التضييق على الإمام عليه السلام وهو في السجن فأمروا آمر السجن بذلك فأجابهم: " ما أصنع به، وقد وكلت به رجلين شرَّ من قدرت عليه، فقد صارا من العبادة والصلاة إلى أمر عظيم "، ثمّ أمر بإحضار الموكلين به فقال لهما: " ويحكما ما شأنكما في أمر هذا الرجل " ؟ فقالا له: " ما نقول في رجل يصوم نهاره، ويقوم ليله كلّه، لا يتكلّم، ولا يتشاغل بغير العبادة، فإذا نظر إلينا ارتعدت فرائصنا، وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا ".