medicalirishcannabis.info
توثيق العلاقات الاجتماعية بين المُصلّين، ورفع الُمنازعات والشقاق الواقعة بينهم، والحرص على الإصلاح ونشر المحبّة والمودّة بينهم، وغير ذلك من دَفْع المفاسد والشرور. تعريف الإمامة والإمام الإمامة في اللغة من الفعل أَمَّ، فيُقال للرَّجل إماماً إذا تقدّم الناس للصلاة بهم، فيقتدون به ويتّبعونه، وهي الإمامة الصغرى، كما يُطلق لفظ الإمام على الرَّجل الذي يُؤتم به الناس في أيّ أمرٍ من الأمور، ولذلك يعتبر قائد الجند إماماً لهم، والعالم إماماً لطالبي العلم، كما يُطلق على القرآن إماماً؛ لاقتداء المسلمين به، [١٣] ولذلك فالإمامة والإمام لهما مكانةٌ رفيعةٌ في الإسلام، تهدف إلى تحقيق مقاصد وأهداف عظيمةٍ؛ منها: تعليم المسلمين حُسْن الطاعة، والاتّباع للقائد. [١٤] ولذلك فإنّ الاستخلاف والإنابة من سنّة النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، والخلفاء الراشدين من بعده، حيث كان الأمير الذي ينوب عن الخليفة إماماً للناس، ومن أجلّ الأمور التي كانت على عاتق الأمير؛ الصلاة بالمسلمين، باعتبارها أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وقد ثبت عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه ولّى الصحابيّ عتاب بن أُسيد -رضي الله عنه- إمارة مكّة، كما بعث عليّاً، ومعاذ، وأبا موسى إلى اليمن، وكانت من جُملة المهام التي يقوم بها الأمراء؛ تعليم المسلمين أمور دِينَهم؛ من عقيدةٍ ، وفقهٍ، وأخلاقٍ، وغير ذلك.
وهي تقطع دابر كل تخرص ورجم بالغيب في هذا المجال؛ فإنهم (عليهم السلام) عدل القرآن، وأحد الثقلين اللذين أمرنا الله بالتمسك بهما. الصفحات
وروى ابن عرفة المعروف بنفطويه[10]–وهو من أكابر المحدثين وأعلامهم–في تاريخه ما يناسب هذا الخبر فقال: ((أن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتُعلت في أيام بني أمية تقرباً إليهم بما يظنون أنهم يُرغمون به أنوف بني هاشم))[11]. [12]. بقلم: أ. د. ختام راهي الحسناوي من مؤسسة علوم نهج البلاغة الهوامش: [1] ابن عساكر، تاريخ دمشق، 62/116. [2] مسلم، الصحيح، ص437؛ ابن الجوزي، الموضوعات، 1/56. [3] ابن عدي، الكامل، 1/33؛ الذهبي، تذكرة الحفاظ، 1/12. [4] نقله ابن أبي الحديد في شرح النهج، 11/36–37 عن المدائني (ت225/839م) في كتابه الأحداث. وباختلاف في الألفاظ: ابن قيس، كتاب سليم، ص316–319. [5] حتى إنّ الرجل إذا روى عنه حديثاً لا يتعلق بفضله بل بشرائع الدين لا يتجاسر على ذكر اسمه فيقول: حدثني رجل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أو يقول حدثني رجل من قريش، ومنهم من يقول: حدثني أبو زينب. فضائل الامام علي. الشيخ المفيد، الارشاد، 1/310؛ ابن أبي الحديد، شرح النهج، 4/58 نقلاً عن أبي جعفر الاسكافي المعتزلي (ت240هـ/854م) في كتابه التفضيل. [6] وقد مرّ ذكر نماذج منهم مثل: حجر الكندي، وأصحابه ممن تصدوا للسب في زمن زياد بن أبيه وميثم التمار ورشيد الهجري وجويرية بن مسهر الذين نشروا فضائل الإمام علي في زمن عبيد الله ابن زياد وكميل بن زياد النخعي الذي قتله الحجاج.
القول العليُّ في فضائل الإمام علي اختار الله سبحانه وتعالى الصحابة الكرام لنصرة دينه، وشرَّفهم بمرافقة رسوله، وفي مقدمة الصحابة نجِدُ الراشدين الأربعة؛ ومنهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، فهم خواص الخواص، وعلي رضي الله عنه وصل إلى أسمى درجات الأولياء، وأعلى درجات الأصفياء، فهو ابن عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم المقرب من قلبه الشريف، والذي تربى في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو أول من أسلم من الفتيان، فقد سارع إلى الإسلام في يوم البعثة الأول، وخالط الإيمان سويداء قلبه. وعليٌّ ممن أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا، فهو من آل البيت الأطهار، ومن أصحاب الكساء الأشراف، إلى جانب السيدة فاطمة، والسبطين الحسن والحسين رضي الله عن الجميع. وهو أسد الله الغالب، وبطل الإسلام، وليث الحروب، ومرعب الأعداء المشركين، صاحب الشجاعة الفذة، والمبارزات المشهورة. فضل الإمامة ومنزلة الإمام. وهو العابد الخاشع، الصائم القائم، الورع الزاهد، الذي استُشهد، وهو صائم. وعليٌّ رضي الله عنه هو العالم الكبير والفقيه الجليل الذي حلَّ كبار المعضلات بعلمه وحكمته، وقد كان سيدنا عمر رضي الله عنه يتعوذ من معضلة لا يستطيع حلها أبو الحسن، وقديمًا قال النحويون: (مسألة ولا أبو حسن لها).
وإننا إذا ما نظرنا إلى موقف النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- وتمعنَّا في سيرته -صلى الله عليه وسلم- وصحبه الكرام ودوره كإمام مسجد, نجد أن القيام بمهام الإمامة ليس عبارة عن طقوس وحركات يؤديها الإمام ويكررها المأمومون خلفه، بل يتعين عليه أن يراعي من هم حوله فهذا من مسئولياته، وكما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) 2. فالإمامة تعليم وتذكير، وأمر بمعروف ونهي عن منكر، ولا يخفى ما لهذه الأمور من منزلة عظيمة، فبالعلم يزول الجهل, وبالتذكير تذهب الغفلة، ويحل الإقبال على الدين محل الإعراض عنه، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تسود طاعة الله في المجتمع وتضمحل المعصية، وتنتشر الفضيلة وتنحسر الرذيلة، ويكثر الخير ويقل الشر. ومن أجل هذا وغيره تعد الإمامة رسالة عظيمة، ومهمة جسيمة يوفق الله للقيام بها على الوجه المطلوب دعاة الحق، وصفوة الخلق حماة الدين، وحراس العقيدة الصحيحة، فيتعلم على أيديهم الجاهل، ويستيقظ من أجل مواعظهم الغافل، ويهتدي بهم السالك، وتسمو بتوجيهاتهم النفوس، وتزكو الضمائر، وتتهذب الأخلاق، وتقوم شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فتحيا السنن، وتندرس البدع ويسعد الناس بالأئمة الأكْفَاء كما سعدت الدنيا بإمام الأئمة صلى الله عليه وسلم.
[٥] [٦] ويدلّ كذلك على فَضْل الإمامة؛ دعاء النبيّ -عليه الصلاة والسلام- للأئمة بالرُّشد والهداية، إذ قال: (الإمامُ ضامِنٌ والمؤذِّنُ مؤتَمَنٌ اللَّهمَّ أرشِدِ الأئمَّةَ واغفِرْ للمُؤذِّنينَ) ، [٧] [٦] كما أنّ الإمامة لها فَضْل آخرٌ إن اشتملت على الخُطبة، التي يدعو فيها الإمام الناس للالتزام بالعمل الصالح، وعمل الخير، فينال الإمام بتلك الخُطبة ثواب دعوة الناس للخير، كما ينال أجر مَن انتفع بكلامه، فسارع لامتثال المعروف والخير.