medicalirishcannabis.info
مع هذا الحرص فإن هذا التعبير يقسرني قسرا على النظر في موضوع كروية الأرض. فهو يصور حقيقة مادية ملحوظة على وجه الأرض. فالأرض الكروية تدور حول نفسها في مواجهة الشمس; فالجزء الذي يواجه الشمس من سطحها المكور يغمره الضوء ويكون نهارا. ولكن هذا الجزء لا يثبت لأن الأرض تدور. وكلما تحركت بدأ الليل يغمر السطح الذي كان عليه النهار. وهذا السطح مكور فالنهار كان عليه مكورا والليل يتبعه مكورا كذلك. وبعد فترة يبدأ النهار من الناحية الأخرى يتكور على الليل. وهكذا في حركة دائبة: يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل.. واللفظ يرسم الشكل، ويحدد الوضع، ويعين نوع طبيعة الأرض وحركتها. إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق - مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. وكروية الأرض ودورانها يفسران هذا التعبير تفسيرا أدق من أي تفسير آخر لا يستصحب هذه النظرية.
والحكيم: إمّا بمعنى الحاكم ، فالقرآن أيضاً حاكم عن معارضيه بالحجة ، وحاكم على غيره من الكتب السماوية بما فيه من التفصيل والبيان قال تعالى: { مصدقاً لمن بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه} [ المائدة: 48]. وإمّا بمعنى: المحكِم المتقِن ، فالقرآن مشتمل على البيان الذي لا يحتمل الخطأ ، وإما بمعنى الموصوف بالحكمة ، فالقرآن مشتمل على الحكمة كاتصاف منزّله بها. وهذه معان مرادة من الآية فيما نرى ، على أن في هذين الوصفين إيماء إلى أن القرآن معجز ببلاغة لفظه وبإعجازه العلمي ، إذا اشتمل على علوم لم يكن للناس علم بها كما بيّناه في المقدمة العاشرة. وفي وصف { الحَكِيمِ} إيماء إلى أنه أنزله بالحكمة وهي الشريعة { يؤتي الحكمة من يشاء} [ البقرة: 269]. وفي هذا إرشاد إلى وجود التدبر في معاني هذا الكتاب ليتوصل بذلك التدبر إلى العلم بأنه حق من عند الله ، قال تعالى: { سنريهم آياتِنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق} [ فصلت: 53]. ومعنى { العَزيزِ الحكيمِ} في صفات الله تقدم في تفسير قوله تعالى: { فإن زللتم من بعد ما جاءئكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم} في سورة [ البقرة: 209].
إعراب الآية 1 من سورة الزمر - إعراب القرآن الكريم - سورة الزمر: عدد الآيات 75 - - الصفحة 458 - الجزء 23. (تَنْزِيلُ) مبتدأ (الْكِتابِ) مضاف إليه (مِنَ اللَّهِ) لفظ الجلالة مجرور بمن متعلقان بخبر المبتدأ (الْعَزِيزِ) بدل (الْحَكِيمِ) بدل أيضا من لفظ الجلالة تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) فاتحة أنيقة في التنويه بالقرآن جعلت مقدمة لهذه السورة لأن القرآن جامع لما حوته وغيره من أصول الدين. ف { تَنزِيلُ} مصدر مراد به معناه المصدريّ لا معنى المفعول ، كيف وقد أضيف إلى الكتاب وأصل الإِضافة أن لا تكون بيانية. وتنزيل: مصدر نزّل المضاعف وهو مشعر بأنه أنزله منجّماً. واختيار هذه الصيغة هنا للرد على الطاعنين لأنهم من جملة ما تعلّلوا به قولهم: { لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة} [ الفرقان: 32]. وقد تقدم الفرق بين المضاعف والمهموز في مثله في المقدمة الأولى. والتعريف في { الكتاب} للعهد ، وهو القرآن المعهود بينهم عند كل تذكير وكل مجادلة. وأجرى على اسم الجلالة الوصف ب { العزيز الحكيمِ} للإِيماء إلى أن ما ينزل منه يأتي على ما يناسب الصفتين ، فيكون عزيزاً قال تعالى: { وإنه لكتاب عزيز} [ فصلت: 41] ، أي القرآن ، عزيز غالب بالحجة لمن كذّب به ، وغالب بالفضل لما سواه من الكتب من حيث إن الغلبة تستلزم التفضل والتفوق ، وغالب لبلغاء العرب إذ أعجزهم عن معارضة سورة منه ، ويكون حكيماً مثل صفة منزِّله.