medicalirishcannabis.info
باب {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} (باب {غير المغضوب عليهم ولا الضالين}) [الفاتحة: 7] الجمهور على جر "غير" بدلًا من الذين على المعنى أو من ضمير عليهم، ورد بأن أصل غير الوصفية والإبدال بالأوصاف ضعيف، وقد يقال استعمل غير استعمال الأسماء نحو غيرك يفعل كذا فجاز وقوعه بدلًا لذلك. وعن سيبويه هو صفة للذين، ورد بأن غيرًا لا تتعرف. وأجيب: بأن سيبويه نقل أن ما أضافته غير محضة قد يتمحض فيتعرف إلا الصفة المشبهة وغير داخل في هذا العموم وقرئ شاذًّا بالنصب، فقيل حال من ضمير عليهم وناصبها أنعمت، وقيل من الذين وعاملها معنى الإضافة. تفسير: (صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين). قال ابن كثير: والمعنى {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم} [الفاتحة: 6 - 7] ممن تقدم وصفهم بالهداية والاستقامة غير صراط المغضوب عليهم، وهم الذين فسدت إرادتهم فعلموا الحق وعدلوا عنه ولا صراط الضالين، وهم الذين فقدوا العلم فهم هائمون في الضلالة لا يهتدون إلى الحق، وأكد الكلام بلا ليدل على أن ثم مسلكين فاسدين وهما طريقتا اليهود والنصارى، ومن أهل العربية من زعم أن "لا" في قوله: {ولا الضالين} زائدة.
فكما سألوه أن يهديهم سألوه ألا يضلهم ، وكذلك يدعون فيقولون: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا الآية. غير المغضوب عليهم ولا الضالين اختلف في المغضوب عليهم و الضالين من هم ؟ فالجمهور أن المغضوب عليهم اليهود ، والضالين النصارى; وجاء ذلك مفسرا عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عدي بن حاتم وقصة إسلامه ، أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده ، والترمذي في جامعه. وشهد لهذا التفسير أيضا قوله سبحانه في اليهود: وباءوا بغضب من الله. وقال: وغضب الله عليهم وقال في النصارى: قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل. وقيل: المغضوب عليهم المشركون. و الضالين المنافقون. وقيل: المغضوب عليهم هو من أسقط فرض هذه السورة في الصلاة; و الضالين عن بركة قراءتها. حكاه السلمي في حقائقه والماوردي في تفسيره; وليس بشيء. التفريغ النصي - تفسير سورة الفاتحة [12] - للشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي. قال الماوردي: وهذا وجه مردود ، لأن ما تعارضت فيه الأخبار وتقابلت فيه الآثار وانتشر فيه الخلاف ، لم يجز أن يطلق عليه هذا الحكم. وقيل: المغضوب عليهم باتباع البدع; و الضالين عن سنن الهدى. قلت: وهذا حسن; وتفسير النبي صلى الله عليه وسلم أولى وأعلى وأحسن. و ( عليهم) في موضع رفع ، لأن المعنى غضب عليهم. والغضب في اللغة الشدة.
وعن عكرمة مما رواه عبد الرزاق قال: "صفوف أهل الأرض على صفوف أهل السماء فإن وافق آمين في الأرض آمين في السماء غفر للعبد". وقد سبق مزيد لهذا في باب جهر الإمام بالتأمين من كتاب الصلاة. [2] سورة البقرة (بابُُ غَيْرِ المَغْصُوبِ عَلَيْهِمْ ولاَ الضَّالِّينَ) أَي: هَذَا بابُُ فِيهِ ذكر قَوْله تَعَالَى: {غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} ، وَلَا وَجه لذكر لفظ: بابُُ هُنَا، وَلَا ذكره حَدِيث الْبابُُ هَهُنَا مناسباً لِأَنَّهُ لَا يتَعَلَّق بالتفسير، وَإِنَّمَا مَحَله أَن يذكر فِي فضل الْقُرْآن. [ رقم الحديث عند عبدالباقي: 4228... أرشيف الإسلام - شرح وتخريج حديث ( إذا قال الإمام : غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا ... ) من صحيح البخاري. ورقمه عند البغا: 4475] - ح دَّثنا عبْدُ الله بنُ يوسُفَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ سُمّيَ عنْ أبي صالِحٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ أَن رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إذَا قَالَ الإمامُ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ولاَ الضَّالِّينَ فقُولُوا آمِينَ فمنْ وافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ المَلاَئِكَةِ غُفِرَ لهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.. مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَسمي، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْمِيم وَتَشْديد الْيَاء: مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن ابْن الْحَارِث، وَأَبُو صَالح ذكْوَان الزيات.
صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) قوله: {صراط الذين أنعمت عليهم}: أي مننت عليهم بالهداية والتوفيق، قال عكرمة: "مننت عليهم بالثبات على الإيمان والاستقامة وهم الأنبياء عليهم السلام" ، وقيل: هم كل من ثبته الله على الإيمان من النبيين والمؤمنين الذين ذكرهم الله تعالى في قوله: {فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين} [69- النساء] الآية، وقال ابن عباس: "هم قوم موسى وعيسى عليهما السلام قبل أن يغيروا دينهم". تفسير غير المغضوب عليهم ولا الضالين. وقال عبد الرحمن بن زيد: "هم النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه". وقال أبو العالية: "هم آل الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما وأهل بيته". وقال شهر بن حوشب: "هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته".
تفسير سورة الفاتحة ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ إعراب الآية: ﴿ صِرَاطَ ﴾: بدل من صراط الأول، تبعه في النصب، وعلامة نصبه الفتحة. ﴿ الَّذِينَ ﴾: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه. ﴿ أَنْعَمْتَ ﴾: فعل ماضٍ مبني على السكون؛ لاتصاله بضمير الرفع، والتاء ضمير متصل في محل رفع فاعل. ﴿ عَلَيْهِمْ ﴾: على: حرف جر، والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بـ (على)، متعلق بـ(أنعمتَ)، والميم حرفٌ لجمع الذكور. ﴿ غَيْرِ ﴾: بدل من اسم الموصول (الذين) تبعه في الجر. ﴿ الْمَغْضُوبِ ﴾: مضاف إليه مجرور. ﴿ عَلَيْهِمْ ﴾: كالأول في محل رفع نائب فاعل للمغضوب، الواو عاطفة، (لا) زائدة لتأكيد النفي. ﴿ الضَّالِّينَ ﴾: معطوف على (غير) مجرور مثله، وعلامة الجر الياء؛ لأنه جمع مذكر سالم، وجملة: (أنعمت عليهم... ) لا محل لها صلة الموصول [1]. روائع البيان والتفسير: قال ابن كثير: ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ [الفاتحة: 7]، هم المذكورون في سورة النساء؛ حيث قال: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 69، 70] [2].
ويطلق على الاختفاء وغياب الشيء، كما قال تعالى: ﴿ وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ [السجدة: 10]؛ أي: غُيِّبنا فيها، وصرنا ترابًا. ومنه قول الشاعر: ألم تَسألْ فتُخبِرك الديارُ *** عن الرَّكْبِ المُضَلَّلِ أين سارُوا [8] والمراد بالضالين: مَن فقَدوا العِلم، فتركوا الحق عن جهل، وعبَدوا الله على غير هدى، وعلى غير بصيرة، قال تعالى: ﴿ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ﴾ [يونس: 32]. ويأتي في مقدمة الضالِّينَ: النصارى [9] ، كما في حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قوله: ﴿ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ هم ((النصارى)). وهكذا وصَف اللهُ النصارى بالضلال في غير هذا الموضع، قال تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ﴾ [المائدة: 77]. قال ابن كثير [10] بعد أن ذكر تفسير المغضوب عليهم باليهود، والضالين بالنصارى: "وقال ابن أبي حاتم: لا أعلم بين المفسرين في تأويل ذلك اختلافًا". وإذا كان سبب ضلال النصارى في الأصل هو الجهل، فلا يمنع أن يكون طرأ عليهم في هذا الزمن مع الجهل العنادُ والإصرار، واتباع الهوى، كما هو واقع الآن.